للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما اضطُررت الآن إلى العمل رجعت إلى «الأمينية» أعلّم فيها بالأجر. وما الأجر؟ أربعة قروش إلاّ ربعاً على الساعة، والقرش هللة (هلالة) هنا أو مليم في مصر. هذا هو الأجر! وهذا شيء لا يشتري خبزاً ولا يُشبع أسرة، فعملت في مدارس أُخَر:

في «الجوهرية» عند الشيخ عيد السفرجلاني، أستاذي في «الجقمقية» الذي مرّ بكم ذكره. وكان من تلاميذي فيها واحد نبغ حتى صار من شيوخ التعليم ومن العلماء، وأمضى شطراً من عمره موجّهاً للمدرّسين، مشرفاً على وضع المناهج وتأليف الكتب في العلوم الدينية لأنه كان مفتّش التربية الدينية في وزارة المعارف، وهو أحد تسعة كانوا أوفى مَن مرّ بي من الطلاب، وقد مرّ بي آلاف وآلاف وآلاف من سنة ١٣٤٥ إلى الآن، هو الأستاذ عبدالرحمن الباني.

وفي «المدرسة التجارية» التي عملت فيها من ستّ سنين (١) ثم تركتها لما قدّموا عليّ الشيخ أحمد الدقر فأعطوه الدرس.

وفي «الكامليّة»، المدرسة التي كانت يوماً من أعظم مدارس دمشق فصارت مدرسة ابتدائية، أنشأها الشيخ كامل القصاب العالِم المعلّم الوطني المصلح، وكان يعلّم فيها ألمع رجال دمشق كالدكتور عبد الرحمن شهبندر، وتخرّج فيها جلّة من الأساتذة كالدكتور أحمد حمدي الخيّاط أستاذ أطباء دمشق، والدكتور أسعد الحكيم. كان يديرها لمّا جئت أدرّس فيها الصديق


(١) أي قبل هذا التاريخ بست سنوات، في سنة ١٩٢٣ أو نحوها. وقد مرّ الخبر في الحلقة الثالثة والعشرين من هذا الجزء (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>