للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أعني تلاميذ المشايخ)، فتقاربا. وأنا أقرّر (للتاريخ لا للفخر) أن أول من ظهر في الشام من تلاميذ المدارس جامعاً مع دراسته القراءة على المشايخ هو علي الطنطاوي، وأول من انتسب إلى المدارس بعد قراءته على المشايخ هو أخي ورفيقي في كلية الحقوق الشيخ مصطفى الزرقا، أخذ البكالوريا سنة ١٩٢٩ بعدي بسنة، مع أنه (وهذا سر بيني وبين القرّاء) أسنّ مني بسنتين أو ثلاث، ولكني شخت وبقي هو (أو ظن أنه بقي، أو أراد أن يبقى) شاباً. وكان نيله البكالوريا أمراً عجيباً تحدث به الناس. وجاء بعدي محمد المبارك رحمه الله، وأحمد مظهر العظمة شفاه الله، ومحمد كمال الخطيب، ومحمود مهدي الإسطنبولي ومن لست أحصي الآن. وجاء بعده الشيخ صبحي الصباغ، والشيخ (الدكتور) معروف الدواليبي، وكثيرون، حتى عظم -بحمد الله- الفريقان وصار منهما معاً جمهرة الدعاة إلى الله والعاملون في ميدان الدعوة الآن (١).

هذه القافلة كان أولها أنا والشيخ مصطفى، سبقت أنا سبق زمان لا سبق علم وفضل.


(١) انظر أول مقالة «الحلقة المفقودة» في كتاب «فكَر ومباحث»، وفي محاضرة «موقفنا من الحضارة الغربية» المنشورة في «فصول إسلامية» تفصيل لهذا الإجمال. راجع ص٢٨١ - ٢٨٦ من طبعة دار المنارة الجديدة، وفيها: "كانت الطبقتان تمشيان كأنهما الخطان المتوازيان، ولكن اتفق في أوائل عَشر الثلاثين أنه انعطف الخط الأيمن إلى هنا والأيسر إلى هناك، والتقيا فكان خط ثالث ... وامتد هذا الخط -بحمد الله- حتى صار منه سلسلة ثالثة ذهبية الحلقات تُعَدّ حلقاتها بالمئات" (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>