يدبّر بمعاونة «الدفتردار» الحكومة المدنية، والمشير الذي كان يتولّى الحكومة العسكرية.
يقوم أكثرنا بحق ربنا، فالمساجد ممتلئة والصلوات فيها قائمة، والناس عاكفون على حضور حلقات العلم فيها. ونقوم بحقّ أنفسنا فنتاجر ونعمل، ونكسب ونربح، ونلهو ونمرح، وإن كانت ملاهينا (التي كان يعرفها أمثالي) معدودة. نحرص على الصبحيّة (نزهة الصباح) في «صدر الباز»(حيث المعرض الدولي الآن، وكان مرجاً أخضر على كتف بردى، وهو وقف إسلامي) وفي الرّبوة، وهي مدخل الوادي الذي يأتي منه بردى، وهو من أجمل أودية الدنيا: بردى يجري في وسطه وأبناء بردى الستة على جانبيه، والشلالات تنحدر من الأعلى منها إلى الأدنى، ومن هنا جبل قاسيون ومن هناك جبل المِزّة، ومن الجهة الأخرى «الشرَف الأعلى» وفيه «الميزان»، وقد قام فيه الآن مستشفى المواساة. وكان أجمل متنَزَّهات دمشق: تنظر منه إلى الوادي يبدو لك أوله من بين الجبلين كما يبدو الأمل بالفرج من بين الشدائد، ثم يلتوي فتراه حيناً يلوح لك من بعيد ويخفى حيناً، كالمجهول في القصة الأدبية أو في الحياة الواقعية، تمسك به ثم يفلت منك. وأمام الشرف الأعلى الشرف الأدنى.
ولست أصف دمشق (١)، فدمشق (التي حُرِمتُ من رؤيتها وحُرّم عليّ دخولها) جمعَت ما لم تجمع مثلَه مدينةٌ في الدنيا: ميراث ضخم من الماضي جعلها أقدم المدن المسكونة في الأرض
(١) لي كتاب اسمه «دمشق» فيه صور من جمالها وعِبَر من نضالها.