للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلّفني أن أكتب مقدمة له، فذكرت هذه القصة التي لم يكُن يعرفها في مقدمة الكتاب (١).

ثم انتقلت إلى معلم آخَر فيه أنس وفيه إنسانية، فزاد من تقرّبي من العلم والدراسة، اسمه الشيخ كامل البغال، عُمّر حتى ناهز المئة أو زاد عليها رحمه الله.

ولم أكُن أمتاز من التلاميذ إلاّ بأني كنت آكُلُ أحياناً في غرفة في مدخل المدرسة، هي غرفة الفرّاشين. وكنت يوماً آكلُ رغيفاً وسطه لحم مشوي أمر لي به أبي، وكان في غرفة الإدارة ولد رجلاه في الفَلَق (٢) والخيزران ينزل عليهما، فدُعِيَ بي وأُخذت من وسط طعامي ورُبطت بالفلق، وكانت علقة أقسم بالله إني لم أعرف سببها إلى الآن، وقد مضى على ذلك أكثر من سبعين سنة!

هكذا كان أسلوب التعليم! أفترونني حين أعيبه أعيب أبي؟ لا، ولكن أصف ما كان ليعرف التلاميذ ما هم فيه من النّعَم الآن.

* * *


(١) «الجامع لمواضيع آيات القرآن الكريم» للأستاذ محمد فارس بركات رحمه الله، طبع المكتبة الهاشمية في دمشق، الطبعة الأولى سنة ١٩٥٩، قدّم له علي الطنطاوي المستشار في محكمة النقض.
(٢) وكلما تكلم عن ذلك المسنّون يقولون «الفلكة» أو «الفلقة»، مع أن الاسم عربي فصيح وهو «الفلق».

<<  <  ج: ص:  >  >>