فيكون من ذلك «برلمان» شعبي له في الناس من الأثر ولقراراته من الحرمة ما ليس لمجلس النواب.
وربما اجتمع في هذه الغرفة أعضاء اللجنة العليا لطلاب سوريا التي كنت عند الناس رئيساً لها. وقد اعترفت لكم بعد نصف قرن بحقيقة هذه اللجنة وأنها كانت قاصرة على اثنين وأحياناً ثلاثة، وهؤلاء الذين ندعوهم إلى حضور جلساتها ونسمّيهم أعضاء فيها، لا يملكون إلا أن يُدعَوا فيجيبوا ويؤمَروا فيطيعوا. وكذلك الحال في أكثر الأحزاب والجمعيات والهيئات والمنظمات؛ اسم كبير ودار أكبر، ولوحة على باب الدار بعرض الدار، وما ثمة إلا رجلان أو ثلاثة أو من يختبئ وراءهم فيحركهم، يُقيمهم ويُقعِدهم ويوجّههم ذات اليمين وذات الشمال، وهم يحرّكون سائر الأعضاء.
ولقد عرفت جرائد تطبع كل يوم عشرات الآلاف من النسخ وتمشي إلى الكثير من البلاد، ولكنها تلحق هي القرّاء بالدعاية لها والإعلان عنها. ما عرفت جريدة يلحقها القراء، ينتظرون صدورها أمام بابها حتى يكاد جمعهم يسدّ الطريق على المارّة، إلا «الأيام».
كان هذا الشارع العريض جادة يمشي فيها الترام، وكانت الجريدة تصدر وقت العصر، فكان الناس يتسابقون إلى شرائها،