للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت دمشق -مذ كانت- أرخص بلاد الله وأكثرها خيرات؛ كان ثمن رطل الخبز (والرطل كيلان ونصف) ما يعادل ثلاثة قروش سعودية، فصار رطل الخبز الأسود الذي فيه كلّ ما يُطحن دقيقاً إلا دقيق القمح، صار بستّين قرشاً، ولو وُجدت القروش الستون (على صعوبة إيجادها) لم يوجد الخبز. وصار كيلو السكر بدينار (أي جنيه ذهبي)، وصار النفط (زيت الكاز) أغلى من عطر الورد الأصلي الذي يُستخرج من ورد مسرابا في الغوطة، ووردها الجوريّ أعطر الأوراد.

وازدادت مناظر الجياع والهاربين من الجندية لأن مدرستنا قد انتقلت إلى سوق صاروجا، إلى دار هولو باشا العابد بجوار السويقات، وترك والدي المدرسة وجاء مدير جديد اسمه شكري بك عابدين.

وكانت دمشق في التقسيم الرسمي ثمانية «أثمان»، أي أحياء؛ فأحياء «العمارة» و «باب السلام» يسكنها في الغالب العلماء، و «القيمرية» للتجار، و «القنوات» للوجهاء، أما سوق صاروجا (١) الذي يمتدّ من «العقيبة» إلى بوابة الصالحية فلكبار الموظفين وللأتراك، وأما حيّ الميدان وحيّ الصالحية وحيّ الأكراد فكانت في الغالب مغلَقة على أهلها.

وهولو باشا والد أقوى وأشهر عربي كان على عهد السلطان عبد الحميد، وكان كاتبه الثاني وكان بمثابة أمين الدولة، وهو أحمد عزت باشا العابد. ومن آثاره «بناية العابد» في المرجة،


(١) صاروجا من أمراء المماليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>