للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكبر دول الأرض. وهو يخطب مثلها أو أبلغ منها في التركية والفرنسية، أما العربية فقد كان من أساطينها.

* * *

وبعد، فلا يحسب القارئ أني غلوت أو بالغت، فما ذكرت إلاّ ما أعرفه حقاً. وما في الأمر مجال لرغبة تدفع للمدح ولا رهبة تمنع من القدح؛ فأنا لا أرهب الرجل ولا أخافه ولا أرغب في شيء منه ولا أطمع فيه، وربما لم يقرأ هذه المقالة ولم يطّلع على هذا العدد من الرسالة، ولكنْ حسبي أني شاركت في تاريخ واحد من نابغينا. وأقول الآن إنه إن انفرد فارس الخوري بهذه الصفات فإن مظاهر العظمة لم تجتمع كلها فيه، وإن عندنا في تاريخنا القريب كثيراً من العظماء إن لم يكونوا مثله في بابَته (١) فليسوا دونه في منزلته ولكن في بابة أخرى، ولا يمنع نبوغُ الطبيب العبقري في طبه نبوغَ المهندس العظيم في هندسته، وتاريخنا القريب كتاريخنا البعيد، كالغابة المزدحمة بعمالقة الأشجار، تختلف في أنواعها ولكن تتفق في رسوخ أصلها وضخامة جذعها وامتداد فروعها وطول عمرها.

إنه أخصب تاريخ في الدنيا وأحفله بالعظماء، ولكن عيبنا أننا لا نعرف تاريخنا ولا نقدّر عظماءنا، ونتسابق إلى اقتناء الزجاج من عند غيرنا ونزهد بالألماس الذي تفيض به خزائننا. فيا أيها الشباب، لا يخدعْكم زجاج غيركم عن حُرّ جواهركم!

* * *


(١) يقول العرب: «هذا من بَابَة فلان» إذا كان من أشكاله ومن أمثاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>