للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمة في وادٍ منخفض هو ملتقى سوريا بالأردن بفلسطين، تتلاقى كلها في هذا الوادي، تنحدر إليه من حوران من فيق (أي من الزويّة) في طريق يتعرّج ويلتوي، أو تنحدر إليه من طريق القُنيطرة. جئناه نحن من حوران من درعا إلى الزويّة، ومررنا قريباً من موقعة اليرموك العظيمة، ورأينا شلاّلات «تلّ شهاب» التي تنحدر فيها المياه من علوّ شاهق والتي إذا استُثمرت جاءت بالخير العظيم.

وصلنا إلى مدخل فخم يقوم على جانبيه صفّان من الأشجار، ثم يلقاك الفندق الضخم والبيوت والدارات (أي الفيلاّت) وأبنية الحمّامات، تحفّ بها مَعارش يعرش على حافّتيها الورد والزهر ويمتدّ على طرفَيها المرجان (شجر المرجان)، ويجري خلال ذلك نهر اليرموك، ينشطر شطرَين فتكون بينهما جزيرة فتّانة في وسطها هضبة بارعة الجمال مغشّاة بغرائب الزرع وعجائب النبات، تُشرِف من منعطف النهر على مثل منظر الربوة ووادي الشاذروان في دمشق من قبة السيّار. وفي كلّ مكان طرق معبّدة ومسالك يجري فيها الماء، ووراء ذلك بيارة البرتقال جنة الحدائق.

ومن أراد أن يرى الحمة الآن استطاع أن يراها من الحمة الأردنية، والحمة السورية والحمة الأردنية يفصل بينهما نهر اليرموك. ترون منها ما فعلنا فيها وما أقمنا فيها من مبانٍ، وما مددنا فيها من ظلال وصنعنا من حدائق، يستطيع أن يراه ولكن من شقّ النهر الثاني (نهر اليرموك) الذي يفصل الحمة السورية عن الحمة الأردنية. وهما حمة واحدة لكن فرّق بينهما الاستعمار،

<<  <  ج: ص:  >  >>