الفجر بربع ساعة أو بعشر دقائق، مع أن الأكل يجوز بلا خلاف حتى يطلع الفجر.
قالوا ولكني لم أفهم شيئاً. ما السحور؟ وما الصيام؟ وما رمضان؟ إن للأطفال يا أيها القرّاء قاموساً خاصاً بهم، وأكثر (إن لم أقُل كل) الذين يحدثون الأطفال في الإذاعة وفي الرائي، أو يكتبون لهم في المجلاّت، أو يؤلّفون لهم الكتب لا يدرون ما هو قاموس الأطفال، فيكلّمونهم بما ليس في معجمهم (أي قاموسهم).
ذهب مرّة أحد أحفادي مع أبيه الذي يعمل مديراً في شركة كبيرة في جدّة (١)، فسألتُه: ماذا يصنع أبوك؟ قال: عنده برّاد (ثلاجة) يضع فيها الأوراق. أوراق في برّاد؟ إنه كان يعني صندوق الحديد لأن البرّاد أو الثلاجة هو الذي في قاموس الطفل. وهؤلاء الإخوان يكلّمون الأطفال بأسلوب الجاحظ، ولكن من غير بلاغة الجاحظ. وأنا أتمنّى على من يريد أن يحدّث الأطفال أن يجمع جماعة منهم من سِنّ مَن يريد أن يحدّثهم ثم يتكلم، فإن تركوا ما هم فيه وأقبلوا عليه وفهموا منه فقد نجح.
وسمعت مرّة في الرائي مذيعة تزعم أنها تحدّث الأطفال، فتلقي عليهم كلاماً غريباً عنهم بعيداً منهم، ثم ترقّق صوتها وتتلطف في كلامها وتقول: فهمتم يا أعزائي الأطفال؟ وأنا واثق
(١) الحفيد هو عمرو، وأبوه نادر حتاحت الذي كان مديراً مالياً في شركة كبيرة فأبدله الله بوظيفته خيراً منها، فأنشأ «دار المنارة» وصار هو الناشر الذي اختصه علي الطنطاوي بنشر كتبه جميعاً (مجاهد).