من العجب: أربعة أئمة من أتباع المذاهب الأربعة يصلّون في وقت واحد، ووراء كل إمام مبلّغ من أصحاب الحناجر القوية والأصوات الندية، فتختلط أصواتهم فيسمع المقتدي تكبيرة الانتقال من غير إمامه فيسجد وإمامه لا يزال قائماً، حتى جاء مدير للأوقاف نسيت الآن اسمه (ولكن الله لا ينسى له فعله) فوحّد الجماعات وجعل الإمامة كل ليلة لإمام، هذا الذي لا يرضى غيره الإسلام.
وأنت إذا دخلت الأموي من بابه الشرقي (وهو أقدم الأبواب) وجدت المحراب المالكي، وهو المحراب الأصلي للمسجد، وكان يُسمّى محراب الصحابة. وكان الجامع قبل أن يوسّعه الوليد بن عبد الملك ويبنيه البناء الذي كان إحدى العجائب في سالف العصور، كان الجامع بمقدار النصف ممّا تراه اليوم ولم يكن له إلاّ هذا المحراب، فلما بناه الوليد زاد المحراب الكبير، وهو إلى جنب المقصورة في نحو منتصف جدار القبلة. وفي سنة ٦١٧هـ نُصب محراب الحنابلة في الرواق الثالث الغربي، وقد عارض بعض الناس في نصبه، ولكن ركن الدين المعظّمي ناصَرَ الحنابلة فأقيم، وأمّ الناسَ فيه الموفّقُ ابن قدامة المقدسي مؤلّف المغني والكافي. ثم رُفع في حدود سنة ٧٣٠هـ وعُوّضوا عنه بالمحراب الغربي جنب باب الزيادة، وهو الباقي إلى اليوم. أما محراب الشافعية فأقيم سنة ٧٢٨ بأمر تنكز، باني المسجد المعروف في دمشق.
فصارت المحاريب أربعة: محراب الخطيب وهو الكبير، وإلى جنبه المنبر وهو للحنفية، ومحراب الشافعية وهو الذي يليه