للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل تريدون أدلّة على ما أقول؟ لمّا كنت مدرّساً في العراق كنّا نسافر بسيارات واردة من أوربّا أو من أميركا، فرأينا مرّة سيارة كبيرة (حافلة) قالوا إنها مصنوعة، أي مصنوع هيكلها في تل أبيب، فعجبنا وتألمنا. وكنّا قادمين لقضاء عطلة الصيف في الشام، فلما انتهت العطلة وجئنا نسافر لنعود إلى عملنا في العراق وجدناهما سيارتين. قلنا: ما هذا؟ قالوا: إن فلاناً، حدّاد شامي، رأى الأولى فصنع الثانية بأدوات دكّانه وبأيدي عُمّاله، فخرجَت مثلها حتى لا يكاد الرائي يفرّق بينهما.

ولمّا تمّ الجلاء عن سوريا وزاح عن صدرها كابوس الانتداب بدأ إنشاء المعامل، فكان عندنا أيام الوحدة فوق معمل الإسمنت (وهو قديم) معملُ الشركة الخماسية، ومعمل الدبس للنسيج، ومعامل حلب للحلج والنسيج، وعشرات من المعامل، عصف بها إعصار التأميم فخرّبها وأماتها في أرضها.

* * *

أعود إلى موضوع القوّة والرياضة.

كانت مدرستنا -كما عرفتم من قبل- في دار من الدور الشامية المترفَة الأنيقة ذات الصحن والإيوان، تغطّي جدرانَها النقوشُ والألوان. كانت عروساً يوم جلوتها، فهل رأيتم عروساً تلبس تبّان (أي مايوه) المصارع، أو قفّازات الملاكم، أو تخوض معركة فيها اللكم واللطم والنطح والرفس؟ ففي أي مكان من هذه الدار نضع الملعب؟ فتّشنا أرجاءها فوجدنا وراءها عرَصة خربة مهمَلة، فأقبل الأستاذ (حيّاه الله وقوّاه إن كان حياً، ورحمه وجزاه

<<  <  ج: ص:  >  >>