ويستكمل شروطه، لكن إذا جاء يوم الامتحان لن ينجح بهذا، بل ينجح بما يودِعه ورقتَه التي ستكون سراً بينه وبين اللجنة الفاحصة. والحجّ عبادة جماعية وعبادة فردية، وكذلك الإسلام كله دين للفرد ودين للجماعة، فالحضور في عَرَفة وتحديد وقت الحضور وتحديد المكان، هذا مثل شروط القبول في الجامعة، أما النجاح فيتوقّف على ربط قلوبكم بالله، كل واحد منكم يربط هذا اليوم قلبه بربّه، يخليه من شؤون دنياه، لا يفكّر بمن حوله ولا يفكر بما حوله، ولكن يقول:«لبّيك»، ويتوجه إلى الله بقلبه وحده فالعِبْرة بما في القلوب؛ ربُّنا يوم القيامة لا يسألنا ماذا عملتم فقط، بل يسألنا: لماذا عملتم؟ ربنا يوم القيامة يبتلي سرائرنا:{يومَ تُبلى السّرَائرُ}.
فيا أيها الحُجّاج، فرّغوا قلوبكم من الدنيا ولبّوا. قولوا:«لبّيك» تُلَبِّ معكم بِطاح عرفات وجبال مكّة، وتلبِّ معكم أرواح المسلمين الذين ذهبوا للقاء ربهم، تلبِّ معكم ذراريكم وهي في عالَم الغيب، فيأتي منها إن شاء الله جيلٌ يمحو عنّا أوضارَ الهزيمة، يمحو عنّا آثار الانقسام، يأتي جيل من أصلابنا يكون خيراً منّا، يستردّ من أرضنا ما أضعنا ويُكمِل من بنائنا ما هدمنا أو نقصنا.
إن السيارة قد تَبلى وتصدأ فتصير كالجسد الميت، ولا أمل يُرتجى من ميت. وقد تكون جديدة سالمة ولكنها تقف لأن الوقود قد نفد من خزّانها أو أن المدّخرة (البطارية) قد فرغت من كهربائها، وإذن نملأ الخزانات بالوقود ونشحن البطارية بالكهرباء