للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: مَعْنَاهُ: أَوْ لَتَدْخُلَنَّ فِي مِلَّتِنَا، فَقَالَ: وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَدْخُلَ فِيهَا.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنْ صِرْنَا فِي مِلَّتِكُمْ. وَمَعْنَى عَادَ صَارَ.

وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ قَوْمَ شُعَيْبٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا فَآمَنُوا فَأَجَابَ شُعَيْبٌ عنهم.

قوله تعال: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} أَحَاطَ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} فِيمَا تُوعِدُونَنَا بِهِ، ثُمَّ عَادَ شُعَيْبٌ بَعْدَمَا أَيِسَ مِنْ فَلَاحِهِمْ فَقَالَ: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا} أَيِ: اقْضِ بَيْنَنَا، {بِالْحَقِّ} وَالْفَتَّاحُ: الْقَاضِي، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} أَيِ: الْحَاكِمِينَ.

{وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (٩٠) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (٩٢) }

{وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا} وَتَرَكْتُمْ دِينَكُمْ، {إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} مَغْبُونُونَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: جَاهِدُونَ. قَالَ الضَّحَّاكُ: عَجَزَةٌ.

{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} قَالَ الْكَلْبِيُّ: الزَّلْزَلَةُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ جَهَنَّمَ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ حَرًّا شَدِيدًا، فَأَخَذَ بِأَنْفَاسِهِمْ وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ظِلٌّ وَلَا مَاءٌ، فَكَانُوا يَدْخُلُونَ الْأَسْرَابَ لِيَتَبَرَّدُوا فِيهَا، فَإِذَا دَخَلُوهَا وَجَدُوهَا أَشَدَّ حَرًّا مِنَ الظَّاهِرِ، فَخَرَجُوا هَرَبًا إِلَى الْبَرِيَّةِ فَبَعَثَ اللَّهُ سَحَابَةً فِيهَا رِيحٌ طيبة فأظلتهم ١٣٤/أوَهِيَ الظُّلَّةُ، فَوَجَدُوا لَهَا بَرَدًا وَنَسِيمًا فَنَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى اجْتَمَعُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ، رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ، أَلْهَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا، وَرَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ فَاحْتَرَقُوا كَمَا يَحْتَرِقُ الْجَرَادُ الْمَقْلِيُّ، وَصَارُوا رَمَادًا.

وَرُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَبَسَ عَنْهُمُ الرِّيحَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ. قَالَ يَزِيدُ الْجَرِيرِيُّ: سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ رُفِعَ لَهُمْ جَبَلٌ مِنْ بَعِيدٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَإِذَا تَحْتَهُ أَنْهَارٌ وَعُيُونٌ فَاجْتَمَعُوا تَحْتَهُ كُلُّهُمْ فَوَقَعَ ذَلِكَ الْجَبَلُ عَلَيْهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ (عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) (الشُّعَرَاءُ-٨٩) ، قَالَ قَتَادَةُ: بَعَثَ اللَّهُ شُعَيْبًا إِلَى أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ، أَمَّا أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ فَأُهْلِكُوا بِالظُّلَّةِ، وَأَمَّا أَصْحَابُ مَدْيَنَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، صَاحَ بِهِمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَيْحَةً فَهَلَكُوا جَمِيعًا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ: كَانَ أَبُو جَادٍ وَهُوزٌ وَحَطِّيٌّ وَكَلَمُنْ وَسَعْفَصْ وَقَرَشَتْ مُلُوكُ مَدْيَنَ، وَكَانَ مَلِكُهُمْ فِي زَمَنِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>