للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْقُوبُ، {لَوَلَّوْا إِلَيْهِ} لَأَدْبَرُوا إِلَيْهِ هَرَبًا مِنْكُمْ، {وَهُمْ يَجْمَحُونَ} يُسْرِعُونَ فِي إِبَاءٍ وَنُفُورٍ لَا يَرُدُّ وُجُوهَهُمْ شَيْءٌ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهُمْ لَوْ يَجِدُونَ مَخْلَصًا مِنْكُمْ وَمُهْرَبًا لَفَارَقُوكُمْ.

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) } .

قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيِّ، وَاسْمُهُ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ، أَصْلُ الْخَوَارِجِ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا فِينَا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولُ اعْدِلْ، فَقَالَ: "وَيْلَكَ فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خَبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ: "دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مع صيامهم، يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ، وَهُوَ قِدْحُهُ، فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ: رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبِضْعَةِ تَدَرْدَرُ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ، فَوُجِدَ، فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ (١) .

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: قال رجل ١٥٩/ب مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُقَالُ لَهُ [أَبُو الْجَوَّاظِ] (٢) : لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ تَقْسِمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (٣) {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} أَيْ: يَعِيبُكَ فِي أَمْرِهَا وَتَفْرِيقِهَا


(١) أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام: ٦ / ٦١٧-٦١٨، ومسلم في الزكاة، باب ذكر قتال الخوارج وصفاتهم، برقم (١٠٦٤) ٢ / ٧٤٤-٧٤٥. والمصنف في شرح السنة: ١٠ / ٢٢٤.
(٢) في "ب": (ذو الحواط) .
(٣) أسباب النزول للواحدي ص (٢٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>