للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١) لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ} فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ {أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ} أَيْ: مَا أَوْجَبْتُمُوهُ [أَنْتُمْ] (١) عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَوَفَّيْتُمْ بِهِ {فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} يَحْفَظُهُ حَتَّى يُجَازِيَكُمْ بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: يَعْلَمُهُ، وَلَمْ يَقُلْ: يَعْلَمُهَا لِأَنَّهُ رَدَّهُ إِلَى الْآخَرِ مِنْهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا" (١١٢-النِّسَاءِ) وَإِنْ شِئْتَ حَمَلْتَهُ عَلَى "مَا" كَقَوْلِهِ: "وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ" (٢٣١-الْبَقَرَةِ) وَلَمْ يَقُلْ بِهِمَا {وَمَا لِلظَّالِمِينَ} الْوَاضِعِينَ الصَّدَقَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا بِالرِّيَاءِ أَوْ يَتَصَدَّقُونَ مِنَ الْحَرَامِ {مِنْ أَنْصَارٍ} أَعْوَانٍ يَدْفَعُونَ عَذَابَ اللَّهِ عَنْهُمْ، وَهِيَ جَمْعُ نَصِيرٍ، مِثْلُ: شَرِيفٍ وَأَشْرَافٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} أَيْ تُظْهِرُوهَا {فَنِعِمَّا هِيَ} أَيْ: نِعْمَتِ الْخَصْلَةُ هِيَ وَ"مَا" فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ "وَهِيَ" فِي مَحَلِّ النَّصْبِ كَمَا تَقُولُ نِعْمَ الرَّجُلُ رَجُلًا فَإِذَا عُرِّفَتْ رُفِعَتْ، فَقُلْتَ: نِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ، وَأَصْلُهُ نِعْمَ مَا فَوُصِلَتْ، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ غَيْرَ وَرْشٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ: فَنِعْمَا بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ بِرِوَايَةِ وَرْشٍ وَيَعْقُوبُ وَحَفْصٌ بِكَسْرِهِمَا، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ.

{وَإِنْ تُخْفُوهَا} تُسِرُّوهَا {وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ} أَيْ تُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فِي السِّرِّ {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} وَأَفْضَلُ وَكُلٌّ مَقْبُولٌ إِذَا كَانَتِ النِّيَّةُ صَادِقَةً وَلَكِنْ صَدَقَةُ السِّرِّ أَفْضَلُ، وَفِي الْحَدِيثِ "صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ (٢) .


(١) ساقطة من ب.
(٢) أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك في الزكاة - باب فضل الصدقة (إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء) وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه وفيه عبد الله بن عيسى الخزاز ٣ / ٣٢٩-٣٣٠ وعبد الله بن عيسى الخزاز أبو خلف منكر الحديث. قال النسائي: ليس بثقة: انظر ميزان الاعتدال: ٢ / ٤٧٠. وأخرجه الطبراني في الكبير والأوسط بأطول من هذا عن معاوية بن حيدة وفيه صدقة بن عبد الله وثقه دحيم وضعفه جماعة (تهذيب التهذيب: ٤ / ٣٦٥) وأيضا في الصغير والأوسط عن جعفر وفيه أصرم بن حوشب وهو ضعيف (مجمع الزوائد ٣ / ١١٥) والمصنف في شرح السنة: ٦ / ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>