للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} أَيْ: فِي شَكٍّ مِنْهُ، {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} .

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) } .

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} فَزَعَمَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا أَوْ شَرِيكًا، أَيْ: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْهُ، {أُولَئِكَ} يَعْنِي: الْكَاذِبِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ، {يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ} فَيَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ.

{وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ} يَعْنِي: الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا يَحْفَظُونَ أَعْمَالَهُمْ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ (١) .

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ (٢) .

وَقَالَ قَتَادَةُ: الْخَلَائِقُ كُلُّهُمْ.

وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ"، وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ [فَيُنَادِي بهم على رؤوس الْخَلَائِقِ] (٣) ، {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (٤) .


(١) انظر: تفسير الطبري: ١٥ / ٢٨٣، الدر المنثور: ٤ / ٤١٢-٤١٣.
(٢) انظر: تفسير الطبري: ١٥ / ٢٨٣، الدر المنثور: ٤ / ٤١٢-٤١٣.
(٣) في "ب": "فيقول الأشهاد" والمثبت من "أ" وهو الموافق لرواية البخاري.
(٤) أخرجه البخاري في المظالم، باب قول الله تعالى: "ألا لعنة الله على الظالمين" ٥ / ٩٦، وفي التوحيد، وفي الرقاق. وأخرجه مسلم في التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، برقم (٢٧٦٦) : ٤ / ٢١٢٠، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ١٣٢-١٣٣. وقوله في الحديث: "فيضع عليه كنفه" بفتح الكاف والنون، بعدها فاء - المراد بالكنف: الستر، وقد جاء مفسرا بذلك في رواية عبد الله بن المبارك عن محمد بن سواء عن قتادة فقال في آخر الحديث: قال عبد الله بن المبارك: كنفه: ستره. أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد". والمعنى: أنه تحيط به عنايته التامة. ومن رواه بالمثناة المكسورة -كتفه- فقد صحَّف، على ما جزم به جمع من العلماء. انظر: فتح الباري: ١٣ / ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>