{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧) أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) }
{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} أَيِ: انْطَلَقُوا مِنْ مَجْلِسِهِمُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ، أَيْ: اثْبُتُوا عَلَى عِبَادَةِ آلِهَتِكُمْ {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} أَيْ لَأَمْرٌ يُرَادُ بِنَا، وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَسْلَمَ وَحَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ بِمَكَانِهِ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الَّذِي نَرَاهُ مِنْ زِيَادَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَشَيْءٌ يُرَادُ بِنَا.
وَقِيلَ: يُرَادُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَقِيلَ: يُرَادُ بِمُحَمَّدٍ أَنْ يُمَلَّكَ عَلَيْنَا.
{مَا سَمِعْنَا بِهَذَا} أَيْ بِهَذَا الَّذِي يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ مِنَ التَّوْحِيدِ، {فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَالْكَلْبِيُّ، وَمُقَاتِلٌ: يَعْنُونَ النَّصْرَانِيَّةَ، لِأَنَّهَا آخِرُ الْمَلَلِ وَهُمْ لَا يُوَحِّدُونَ، بَلْ يَقُولُونَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: يَعْنُونَ مِلَّةَ قُرَيْشٍ وَدِينَهُمُ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ.
{إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} كذب وافتعال.
{أَأُنزلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} الْقُرْآنُ {مِنْ بَيْنِنَا} وَلَيْسَ بِأَكْبَرِنَا وَلَا أَشْرَفِنَا، يَقُولُهُ أَهْلُ مَكَّةَ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
{بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} أَيْ وَحْيِي وَمَا أَنْزَلْتُ، {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} وَلَوْ ذَاقُوهُ لَمَا قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ.
{أَمْ عِنْدَهُمْ} أَعِنْدَهُمْ، {خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} أَيْ: نِعْمَةُ رَبِّكَ يَعْنِي: مَفَاتِيحَ النُّبُوَّةِ يعطونها من شاؤوا، نَظِيرُهُ: "أَهُمْ يقسمون رحمة ١٠٠/أرَبِّكَ" (الزُّخْرُفُ -٣٢) أَيْ نُبُوَّةَ رَبِّكَ، {الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} [الْعَزِيزِ فِي مُلْكِهِ، الْوَهَّابِ] (١) وَهَبَ النُّبُوَّةَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(١) ما بين القوسين ساقط من "ب".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute