للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الشُّعَرَاءِ-١٦) ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْقَعِيدِ الْمُلَازِمَ الَّذِي لَا يَبْرَحُ، لَا الْقَاعِدَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْقَائِمِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْقَعِيدُ الرَّصِيدُ.

{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) }

{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ كَلَامٍ فَيَلْفِظُهُ أَيْ: يَرْمِيهِ مِنْ فِيهِ، {إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ} حَافِظٌ، {عَتِيدٌ} حَاضِرٌ أَيْنَمَا كان. قال ١٣٨/أالْحَسَنُ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَجْتَنِبُونَ الْإِنْسَانَ عَلَى حَالَيْنِ: عِنْدُ غَائِطِهِ وَعِنْدَ جِمَاعِهِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَكْتُبَانِ عَلَيْهِ حَتَّى أَنِينَهُ فِي مَرَضِهِ (١) . وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَا يَكْتُبَانِ إِلَّا مَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُؤْزَرُ فِيهِ (٢) .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَجْلِسُهُمَا تَحْتَ الضِّرْسِ (٣) عَلَى الْحَنَكِ، وَمِثْلُهُ عَنِ الْحَسَنِ، وَكَانَ الْحَسَنُ يُعْجِبُهُ أَنْ يُنَظِّفَ عَنْفَقَتَهُ.

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشَّرِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا طَالُوتُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ عَلَى يَمِينِ الرَّجُلِ، وَكَاتِبُ السَّيِّئَاتِ عَلَى يَسَارِ الرَّجُلِ، وَكَاتِبُ الْحَسَنَاتِ أَمِيرٌ عَلَى كَاتِبِ السَّيِّئَاتِ، فَإِذَا عَمِلَ حَسَنَةً كَتَبَهَا صَاحِبُ الْيَمِينِ عَشْرًا؛ وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً قَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الشِّمَالِ: دَعْهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ لَعَلَّهُ يُسَبِّحُ أَوْ يَسْتَغْفِرُ" (٤) .

{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} غَمْرَتُهُ وَشِدَّتُهُ الَّتِي تَغْشَى الْإِنْسَانَ وَتَغْلِبُ عَلَى عَقْلِهِ، {بِالْحَقِّ} أَيْ بِحَقِيقَةِ الْمَوْتِ، وَقِيلَ: بِالْحَقِّ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَهُ الْإِنْسَانُ وَيَرَاهُ بِالْعِيَانِ. وقيل: بما يؤول


(١) ذكره صاحب البحر المحيط: ٨ / ١٢٣.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٥٩٣ لابن المنذر.
(٣) في "ب" الشعر.
(٤) قال الهيثمي في "المجمع": (١٠ / ٢٠٨) "رواه الطبراني، وفيه جعفر بن الزبير وهو كذاب". ورواه عن أبي أمامة أيضًا من طريق أخرى بلفظ آخر. ابن راهويه في "مسنده"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وأبو نعيم في "الحلية": (٦ / ١٢٤) وقال الهيثمي: "رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها وثقوا"، وحسنه الألباني في "الصحيحة": (٣ / ٢١٠) ، فهو شاهد حسن للرواية الأولى فهي توافقها وليس في الأولى شيء زائد غير أن الحسنة بعشر أمثالها، وقد دل القرآن والسنة على ذلك -كما قال الهيثمي. وانظر: الكافي الشاف لابن حجر ص (١٥٩) ، الفتح السماوي للمناوي: ٣ / ١٠٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>