{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦) }
{أَنْ دَعَوْا} أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنْ جَعَلُوا {لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَعْبٌ: فَزِعَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَجَمِيعُ الْخَلَائِقِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ وَكَادَتْ أَنْ تَزُولَ وَغَضِبَتِ الْمَلَائِكَةُ وَاسْتَعَرَتْ جَهَنَّمُ حِينَ قَالُوا: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (١) .
ثُمَّ نَفَى اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ الْوَلَدَ فَقَالَ: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} أَيْ مَا يَلِيقُ بِهِ اتِّخَاذُ الْوَلَدِ وَلَا يُوصَفُ بِهِ. {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ} أَيْ إِلَّا آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {عَبْدًا} ذَلِيلًا خَاضِعًا يَعْنِي: أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَبِيدُهُ. {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} أَيْ: عَدَّ أَنْفَاسَهُمْ وَأَيَّامَهُمْ وَآثَارَهُمْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ. {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} وَحِيدًا لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} أَيْ: مَحَبَّةً. قَالَ مُجَاهِدٌ: يُحِبُّهُمُ اللَّهُ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن محمد الداوودي أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الصَّلْتِ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ قَالَ لِجِبْرَائِيلَ: قَدْ أَحْبَبْتُ فَلَانًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرَائِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وَإِذَا أَبْغَضَ الْعَبْدَ".
(١) انظر: تفسير الطبري: ١٦ / ١٣٠ فقد روى أثرا مطولا عن ابن عباس وآخر عن كعب وقد جمع بينهما المصنف هنا باختصار.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute