للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْنِي: الْأَدْبَارَ فَوَحَّد لأجل رؤوس الْآيِ، كَمَا يُقَالُ: ضربنا منهم الرؤوس وضربنا مِنْهُمُ الرَّأْسَ إِذَا كَانَ الْوَاحِدُ يُؤَدِّي مَعْنَى الْجَمْعِ، أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُمْ يُوَلُّونَ أَدْبَارَهُمْ مُنْهَزِمِينَ فَصَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَهَزَمَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي قُبَّتِهِ يَوْمَ بَدْرٍ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ"، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ -وَهُوَ فِي الدِّرْعِ -فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" (١) .

{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) }

{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ: "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" كُنْتُ لَا أَدْرِي أَيَّ جَمْعٍ يُهْزَمُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَثِبُ فِي دِرْعِهِ وَيَقُولُ: "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ" جَمِيعًا "وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ" (٢) أَعْظَمُ دَاهِيَةً وَأَشَدُّ مَرَارَةً مِنَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ يَوْمَ بَدْرٍ.

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} الْمُشْرِكِينَ {فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} قِيلَ: "فِي ضَلَالٍ" بُعْدٍ عَنِ الْحَقِّ. قَالَ الضَّحَّاكُ: "وَسُعُرٍ" أَيْ: نَارٌ تُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ: وَقِيلَ: "ضَلَالٌ" ذَهَابٌ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ فِي الْآخِرَةِ، "وَسُعُرٍ": نَارٌ مُسَعَّرَةٌ، قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ فِي الدُّنْيَا وَنَارٍ فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي عَنَاءٍ وَعَذَابٍ (٣) .

ثُمَّ بَيَّنَ عَذَابَهُمْ فَقَالَ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ} يُجَرُّونَ {فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} وَيُقَالُ لَهُمْ {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} .


(١) أخرجه البخاري في الجهاد، باب ما قيل في درع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقميص في الحرب:٦ / ٩٩، وفي المغازي، وفي التفسير، والمصنف في شرح السنة:١٠ / ٤٠٠.
(٢) أخرجه عبد الرزاق:٢ / ٢٥٩، والطبري:٢٧ / ١٠٨،والإمام أحمد:١ / ٣٢٩. ورواه إسحاق بن راهويه عن قتادة، وفيه انقطاع، انظر المطالب العالية: ٣ / ٣٨١. قال الحافظ في الفتح: ٧ / ٢٨٩-٢٩٠: "أخرجه الطبري وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس: لما نزلت....قال عمر:....، وأخرجه ابن مردويه أيضًا عن أبي هريرة..".
(٣) انظر الطبري: ٢٧ / ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>