للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَرْضِ تَسْيِيرًا. قَالَ الْحَسَنُ: قُلِعَتْ مِنْ أَصْلِهَا فَذَهَبَتْ نَظِيرُهَا: " فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا" (طه -١٠٥) قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ جُعِلَتْ كَثِيبًا مَهِيلًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ شَامِخَةً طَوِيلَةً.

{فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) }

{فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} غُبَارًا مُتَفَرِّقًا كَالَّذِي يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ إِذَا دَخَلَ الْكُوَّةَ وَهُوَ الْهَبَاءُ.

{وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا} أَصْنَافًا {ثَلَاثَةً} ، ثُمَّ فَسَّرَهَا فَقَالَ:

{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} هُمُ الَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ إِلَى الْجَنَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى يَمِينِ آدَمَ حِينَ أُخْرِجَتِ الذُّرِّيَّةُ مِنْ صُلْبِهِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ: هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي (١) . وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُمُ الَّذِينَ يُعْطَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالرَّبِيعُ: هُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَيَامِينَ مُبَارَكِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَكَانَتْ أَعْمَارُهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَهُمُ التَّابِعُونَ بِإِحْسَانٍ (٢) ثُمَّ عَجَّبَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: {مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: زَيْدٌ مَا زَيْدٌ! يُرَادُ زَيْدٌ شَدِيدٌ.

{وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} يَعْنِي أَصْحَابَ الشِّمَالِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْيَدَ الْيُسْرَى الشُّؤْمَى وَمِنْهُ يُسَمَّى الشَّامُ وَالْيَمَنُ لِأَنَّ الْيَمَنَ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَالشَّامُ عَنْ شِمَالِهَا وَهُمُ الَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ إِلَى النَّارِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى شِمَالِ آدَمَ عِنْدَ إِخْرَاجِ الذُّرِّيَّةِ وَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ: هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ وَلَا أُبَالِي.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُمُ الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِشِمَالِهِمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمُ الْمَشَائِيمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَكَانَتْ أَعْمَارُهُمْ فِي الْمَعَاصِي (٣) .

{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّابِقُونَ إِلَى الْهِجْرَةِ هُمُ السَّابِقُونَ فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: السَّابِقُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: هُمُ الَّذِينَ صَلَّوْا إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ (٤) . دَلِيلُهُ: قَوْلُهُ:


(١) انظر: القرطبي: ١٧ / ١٩٨.
(٢) انظر: البحر المحيط: ٨ / ٢٠٤، القرطبي: ١٧ / ١٩٨.
(٣) انظر: البحر المحيط: ٨ / ٢٠٤.
(٤) أخرجه الطبري: ٢٧ / ١٧١، وانظر: البحر المحيط: ٨ / ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>