سُورَةُ الْحَدِيدِ مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) }
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} يَعْنِي هُوَ "الْأَوَّلُ" قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ بِلَا ابْتِدَاءٍ، كَانَ هُوَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَوْجُودًا وَ"الْآخِرُ" بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيْءٍ، بِلَا انْتِهَاءٍ تَفْنَى الْأَشْيَاءُ وَيَبْقَى هُوَ، وَ"الظَّاهِرُ" الْغَالِبُ الْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَ"الْبَاطِنُ" الْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ يَمَانٌ: "هُوَ الْأَوَّلُ" الْقَدِيمُ وَ"الْآخِرُ" الرَّحِيمُ وَ"الظَّاهِرُ" الْحَلِيمُ وَ"الْبَاطِنُ" الْعَلِيمُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ الْأَوَّلُ بِبِرِّهِ إِذْ عَرَّفَكَ تَوْحِيدَهُ، وَالْآخِرُ بِجُودِهِ إِذْ عَرَّفَكَ التَّوْبَةَ عَلَى مَا جَنَيْتَ، وَالظَّاهِرُ بِتَوْفِيقِهِ إِذْ وَفَّقَكَ لِلسُّجُودِ لَهُ وَالْبَاطِنُ بِسَتْرِهِ إِذْ عَصَيْتَهُ فَسَتَرَ عَلَيْكَ.
وَقَالَ الْجُنَيْدُ: هُوَ الْأَوَّلُ بِشَرْحِ الْقُلُوبِ، وَالْآخِرُ بِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ، وَالظَّاهِرُ بِكَشْفِ الْكُرُوبِ، وَالْبَاطِنُ بِعِلْمِ الْغُيُوبِ. وَسَأَلَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -كَعْبًا عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: مَعْنَاهَا إِنَّ عِلْمَهُ بِالْأَوَّلِ كَعِلْمِهِ بِالْآخَرِ، وَعِلْمَهُ بِالظَّاهِرِ كَعِلْمِهِ بِالْبَاطِنِ.
(١) أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مرودية والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نزلت سورة الحديد بالمدينة انظر: الدر المنثور: ٨ / ٤٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute