للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤) } .

{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} مِنَ الْخَطَإِ وَالزَّلَلِ فَأُزَكِّيهَا، {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} بِالْمَعْصِيَةِ {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} أَيْ: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي فَعَصَمَهُ، " مَا " بِمَعْنَى مِنْ -كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} (النِّسَاءِ -٣) أَيْ: مَنْ طَابَ لَكُمْ-وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ، عَصَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ يُرَكِّبْ فِيهِمُ الشَّهْوَةَ.

وَقِيلَ: "إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي" إِشَارَةٌ إِلَى حَالَةِ الْعِصْمَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبُرْهَانِ.

{إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلْمَلِكِ عُذْرُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَرَفَ أَمَانَتَهُ وَعِلْمَهُ:

{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} أَيْ: أَجْعَلُهُ خَالِصًا لِنَفْسِي، {فَلَمَّا كَلَّمَهُ} فِيهِ اخْتِصَارٌ تَقْدِيرُهُ: فَجَاءَ الرَّسُولُ يُوسُفَ فَقَالَ لَهُ: أَجِبِ الْمَلِكَ الْآنَ.

رُوِيَ أَنَّهُ قَامَ وَدَعَا لِأَهْلِ السِّجْنِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَطِّفْ عَلَيْهِمْ قُلُوبَ الْأَخْيَارِ، وَلَا تُعَمِّ عَلَيْهِمُ الْأَخْبَارَ، فَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْأَخْبَارِ فِي كُلِّ بَلَدٍ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السِّجْنِ كَتَبَ عَلَى بَابِ السِّجْنِ: هَذَا قَبْرُ الْأَحْيَاءِ، وَبَيْتُ الْأَحْزَانِ، وَتَجْرِبَةُ الْأَصْدِقَاءِ، وَشَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ. ثُمَّ اغْتَسَلَ وَتَنَظَّفَ مِنْ دَرَنِ السِّجْنِ وَلَبِسَ ثِيَابًا حِسَانًا وَقَصَدَ الْمَلِكَ (١) .


(١) انظر: البحر المحيط: ٥ / ٣١٩. ومثل هذه الأخبار، والخبران التاليان مما لا يوقف على صحته، وساق المصنف ذلك بصيغة التمريض، ولا يتوقف فهم الآيات على شيء منها. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>