{قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨) }
{آتُونِي} أَعْطُوْنِي وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ: " ائْتُونِي " أَيْ جِيئُونِي {زُبَرَ الْحَدِيدِ} أَيْ قِطَعَ الْحَدِيدِ وَاحِدَتُهَا زُبْرَةٌ، فَآتَوْهُ بِهَا وَبِالْحَطَبِ وَجَعَلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَجْعَلُ الْحَدِيدَ عَلَى الْحَطَبِ وَالْحَطَبَ عَلَى الْحَدِيدِ {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ: بِضَمِّ الصَّادِّ وَالدَّالِّ وَجَزَمَ أَبُو بَكْرٍ الدَّالَ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِهَا وَهُمَا الْجَبَلَانِ سَاوَى: أَيْ سَوَّى بَيْنَ طَرَفَيِ الْجَبَلَيْنِ.
{قَالَ انْفُخُوا} وَفِي الْقِصَّةِ: أَنَّهُ جَعَلَ الْفَحْمَ وَالْحَطَبَ فِي خِلَالِ زُبَرِ الْحَدِيدِ، ثُمَّ قَالَ: انْفُخُوا، يَعْنِي: فِي النَّارِ.
{حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا} أَيْ صَارَ الْحَدِيدُ نَارًا، {قَالَ آتُونِي} قَرَأَ حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ وَصْلًا وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِقَطْعِ الْأَلِفِ. {أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} أَيْ: [آتَوْنِي قِطْرًا أُفْرِغْ عَلَيْهِ، وَ"الْإِفْرَاغُ": الصَّبُّ وَ"الْقِطْرُ": هُوَ النُّحَاسُ الْمُذَابُ فَجَعَلَتِ النَّارُ تَأْكُلُ الْحَطَبَ وَيَصِيرُ النُّحَاسُ] (١) مَكَانَ الْحَطَبِ حَتَّى لَزِمَ الْحَدِيدُ النُّحَاسَ.
قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ كَالْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ طَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ. وَفِي الْقِصَّةِ: أَنَّ عَرْضَهُ كَانَ خَمْسِينَ ذِرَاعًا وَارْتِفَاعَهُ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَطُولُهُ فَرْسَخٌ. {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} أَنْ يَعْلُوهُ مِنْ فَوْقِهِ لِطُولِهِ وَمَلَاسَتِهِ {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} مِنْ أَسْفَلِهِ لِشِدَّتِهِ وَلِصَلَابَتِهِ وَقَرَأَ حَمْزَةُ: {فَمَا اسْتَطَاعُوا} بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَدْغَمَ تَاءَ الافْتِعَالِ فِي الطَّاءِ. {قَالَ} يَعْنِي ذَا الْقَرْنَيْنِ {هَذَا} أَيِ السَّدُّ {رَحْمَةٌ} أَيْ: نِعْمَةٌ {مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} قِيلَ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ: وَقْتُ خُرُوجِهِمْ {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ {دَكَّاءَ} بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ، أَيْ: أَرْضًا مَلْسَاءَ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِلَا مَدٍّ أَيْ: جَعَلَهُ مَدْكُوكًا مُسْتَوِيًا مَعَ وَجْهِ الْأَرْضِ {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: "أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا
(١) ما بين القوسين ساقط من "ب".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute