للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: "لَعَذَّبْنَا" جَوَابٌ لِكَلَامَيْنِ أَحَدِهِمَا: "لَوْلَا رِجَالٌ"، وَالثَّانِي: "لَوْ تَزَيَّلُوا"، ثُمَّ قَالَ: {لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.

وقوله: {فِي رَحْمَتِهِ} أي جنته. وقال قتادة في هذه الآية: إن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار كما دفع بالمستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة.

{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمًا (٢٦) }

{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ} حِينَ صَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ عَنِ الْبَيْتِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَأَنْكَرُوا مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَمِيَّةُ: الْأَنَفَةُ، يُقَالُ: فَلَانَ ذُو حَمِيَّةٍ إِذَا كَانَ ذَا غَضَبٍ وَأَنَفَةٍ.

قَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ: قَدْ قَتَلُوا أَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا ثُمَّ يَدْخُلُونَ عَلَيْنَا، [فَتَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَيْنَا] (١) عَلَى رَغْمِ أَنْفِنَا، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا يَدْخُلُونَهَا عَلَيْنَا، فَهَذِهِ "حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ"، الَّتِي دَخَلَتْ قُلُوبَهُمْ.

{فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} حَتَّى لَمْ يَدْخُلْهُمْ مَا دَخْلَهُمْ مِنَ الْحَمِيَّةِ فَيَعْصُوا اللَّهَ فِي قِتَالِهِمْ، {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وقَتَادَةُ، وَعِكْرِمَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَابْنُ زَيْدٍ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: كَلِمَةُ التَّقْوَى "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" (٢) .

وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا.

وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ: "كَلِمَةُ التَّقْوَى" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ (٣) .

وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) .


(١) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٢) انظر: الدر المنثور: ٧ / ٥٣٦-٥٣٧.
(٣) أخرجه الطبري: ٢٦ / ١٠٤، وانظر: البحر المحيط: ٨ / ٩٩.
(٤) أخرجه الطبري: ٢٦ / ١٠٥، وانظر: البحر المحيط: ٨ / ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>