{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) } .
{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أَيَحْسَبُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهِ وَلَا يُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ، {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ} .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَكُونُ} يَا مُحَمَّدُ، {فِي شَأْنٍ} عَمَلٍ مِنَ الأعمال، وجمعه شُؤون، {وَمَا تَتْلُو مِنْهُ} مِنَ اللَّهِ، {مِنْ قُرْآنٍ} نَازِلٍ، وَقِيلَ: مِنْهُ أَيْ مِنَ الشَّأْنِ مِنْ قُرْآنٍ، نَزَلَ فِيهِ ثُمَّ خَاطَبَهُ وَأُمَّتَهُ فَقَالَ: {وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} أَيْ: تَدْخُلُونَ وَتَخُوضُونَ فِيهِ، الْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلَى الْعَمَلِ، وَالْإِفَاضَةُ: الدُّخُولُ فِي الْعَمَلِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: تَنْدَفِعُونَ فِيهِ. وَقِيلَ: تُكْثِرُونَ فِيهِ. وَالْإِفَاضَةُ: الدَّفْعُ بِكَثْرَةٍ.
{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ} يَغِيبُ عَنْ رَبِّكَ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ "يَعْزِبُ" بِكَسْرِ الزَّايِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ. {مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ} أَيْ: مِثْقَالِ ذَرَّةٍ، و"مِنْ" صِلَةٌ، وَالذَّرَّةُ هِيَ: النَّمْلَةُ الْحُمَيْرَاءُ الصَّغِيرَةُ. {فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ} أَيْ: مِنَ الذَّرَّةِ، {وَلَا أَكْبَرَ} قَرَأَ حَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ: بِرَفْعِ الرَّاءِ فِيهِمَا، عَطْفًا عَلَى مَوْضِع الْمِثْقَالِ قَبْلَ دُخُولِ "مِنْ"، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِنَصْبِهِمَا، إِرَادَةً لِلْكَسْرَةِ، عَطْفًا عَلَى الذَّرَّةِ فِي الْكَسْرِ. {إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذَا الِاسْمَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} وَقَالَ قَوْمٌ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ [ابْنِ] (١) أَبِي حُسَيْنٍ
(١) من "شرح السنة" و"مصنف عبد الرزاق"، و"مسند الإمام أحمد".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute