للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَك لِيُصْبِحَ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا كِتَابٌ مَنْشُورٌ مِنَ اللَّهِ أَنَّكَ لَرَسُولُهُ نُؤْمَرُ فِيهِ بِاتِّبَاعِكَ (١) .

قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ بَلَغَنَا أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يُصْبِحُ مَكْتُوبًا عِنْدَ رَأْسِهِ ذَنْبُهُ وَكَفَّارَتُهُ فَأْتِنَا بِمِثْلِ ذَلِكَ "وَالصُّحُفُ" الْكُتُبُ، وَهِيَ جُمَعُ الصَّحِيفَةِ، وَ"مُنَشَّرَةٌ" مَنْشُورَةٌ.

{كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦) }

فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَلَّا} لَا يُؤْتَوْنَ الصُّحُفَ. وَقِيلَ: حَقًّا، وَكُلُّ مَا وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْهُ فَهَذَا وَجْهُهُ، {بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ} أَيْ لَا يَخَافُونَ عَذَابَ الْآخِرَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَوْ خَافُوا النَّارَ لَمَا اقْتَرَحُوا هَذِهِ الْآيَاتِ بَعْدَ قِيَامِ الْأَدِلَّةِ. {كَلَّا} حَقًّا {إِنَّهُ} يَعْنِي الْقُرْآنَ {تَذْكِرَةٌ} مَوْعِظَةٌ. {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} اتَّعَظَ بِهِ. {وَمَا يَذْكُرُونَ} قَرَأَ نَافِعٌ وَيَعْقُوبُ [تَذْكُرُونَ] (٢) بِالتَّاءِ وَالْآخَرُونَ بِالْيَاءِ {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} قَالَ مُقَاتِلٌ: إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ لَهُمُ الْهُدَى. {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} أَيْ أَهْلُ أَنْ يُتَّقَى مَحَارِمُهُ وَأَهْلُ أَنْ يَغْفِرَ لِمَنِ اتَّقَاهُ.

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ فَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} قَالَ: قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ: "أَنَا أَهْلُ أَنْ أُتَّقَى وَلَا يُشْرَكَ بِي غَيْرِي، وَأَنَا أَهْلٌ لِمَنِ اتَّقَى أَنْ يُشْرِكَ بِي أَنْ أَغْفِرَ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ٣٤٠ لعبد بن حميد وابن المنذر، وانظر الطبري ٢٩ / ١٧١.
(٢) زيادة من"ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>