{لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩) ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) }
{لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ} لِأَنَّ لَهُمْ فِيهِ مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ، {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ} بِنِيَّاتِهِمْ، {حَلِيمٌ} عَنْهُمْ. {ذَلِكَ} أَيْ: الْأَمْرُ ذَلِكَ الَّذِي قَصَصْنَا عَلَيْكُمْ، {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ} جَازَى الظَّالِمَ بِمِثْلِ ظُلْمِهِ. قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي قَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ كَمَا قَاتَلُوهُ، {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ} أَيْ: ظُلِمَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ يَعْنِي: مَا أَتَاهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْبَغْيِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَحْوَجُوهُمْ إِلَى مُفَارَقَةِ أَوْطَانِهِمْ، نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَتَوْا قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنَ الْمُحَرَّمِ فَكَرِهَ الْمُسْلِمُونَ قِتَالَهُمْ وَسَأَلُوهُمْ أَنْ يَكُفُّوا عَنِ الْقِتَالِ مِنْ أَجْلِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَأَبَى الْمُشْرِكُونَ وَقَاتَلُوهُمْ فَذَلِكَ بَغْيُهُمْ عَلَيْهِمْ، وَثَبَتَ الْمُسْلِمُونَ لَهُمْ فَنُصِرُوا عَلَيْهِمْ (١) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} وَالْعِقَابُ الْأَوَّلُ بِمَعْنَى الْجَزَاءِ، {إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} عَفَا عَنْ مَسَاوِئِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَفَرَ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ. {ذَلِكَ} أَيْ: ذَلِكَ النَّصْرُ {بِأَنَّ اللَّهَ} الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ، فَمِنْ قُدْرَتِهِ أَنَّهُ: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ: بِالْيَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِالتَّاءِ، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ، {مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ} الْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، {الْكَبِيرُ} الْعَظِيمُ الَّذِي كَلُّ شَيْءٍ دُونَهُ. {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} بِالنَّبَاتِ، {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ} بِأَرْزَاقِ عِبَادِهِ وَاسْتِخْرَاجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ، {خَبِيرٌ} بِمَا فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ وَاسْتِخْرَاجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ، إِذَا تَأَخَّرَ الْمَطَرُ عَنْهُمْ.
(١) ذكره الطبري: ١٧ / ١٩٥ بغير سند، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٧١ لابن أبي حاتم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute