للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْفُسَهُمْ {مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ، يَقُولُ: لَا تَحْسَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ كَفَّرُوا مُعْجِزِينِ فَائِتِينَ عَنَّا، {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨) }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الْآيَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ مُدْلِجُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ لِيَدْعُوَهُ، فَدَخَلَ فَرَأَى عُمَرَ بِحَالَةٍ كَرِهَ عُمَرُ رُؤْيَتَهُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ (١) وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي أَسْمَاءَ بِنْتِ مَرْثَدٍ، كَانَ لَهَا غُلَامٌ كَبِيرٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ كَرِهَتْهُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ خَدَمَنَا وَغِلْمَانَنَا يَدْخُلُونَ عَلَيْنَا فِي حَالٍ نَكْرَهُهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (٢) "يَا أَيُّهَا الذين آمنوا ليستأنذكم: اللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ. {الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يَعْنِي: الْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ، {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} مِنَ الْأَحْرَارِ، لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُمُ الْأَطْفَالَ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، بَلِ الَّذِينَ عَرَفُوا أَمْرَ النِّسَاءِ وَلَكِنْ لَمْ يَبْلُغُوا.

{ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} أَيْ: لِيَسْتَأْذِنُوا فِي ثَلَاثِ أَوْقَاتٍ، {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} يُرِيدُ الْمَقِيلَ، {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} وَإِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّهَا سَاعَاتُ الْخَلْوَةِ وَوَضْعِ الثِّيَابِ، فَرُبَّمَا يَبْدُو مِنَ الْإِنْسَانِ مَا لَا يُحِبُّ أَنَّ يَرَاهُ أَحَدٌ، أَمَرَ الْعَبِيدَ وَالصِّبْيَانَ بِالِاسْتِئْذَانِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلْيَسْتَأْذِنُوا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ: "ثَلَاثَ" بِنَصْبِ الثَّاءِ بَدَلًا عَنْ قَوْلِهِ: "ثَلَاثَ مَرَّاتٍ"، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ


(١) انظر: أسباب النزول للواحدي ص (٣٨٠) ، الكافي الشاف ص (١٢٠) .
(٢) عزاه السيوطي في "الدر": (٦ / ٢١٧) لابن أبي حاتم، وذكره الواحدي في أسباب النزول ص (٣٨٠) . وانظر: الكافي الشاف ص (١٢٠) ، وابن كثير: ٣ / ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>