للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَكْفُرَ قَذَفَهُ فِي النَّارِ وَمَنْ رَجَعَ عَنْ دِينِ عِيسَى لَمْ يَقْذِفْهُ، وَإِنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ وَمَعَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ لَا يَتَكَلَّمُ، فَلَمَّا قَامَتْ عَلَى شَفِيرِ الْخَنْدَقِ نَظَرَتْ إِلَى ابْنِهَا فَرَجَعَتْ عَنِ النَّارِ، فَضُرِبَتْ حَتَّى تَقَدَّمَتْ فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ ثلاث مرات، فرلما كَانَتْ فِي الثَّالِثَةِ ذَهَبَتْ تَرْجِعُ فَقَالَ لَهَا ابْنُهَا: يَا أُمَّاهُ إِنِّي أَرَى أَمَامَكِ نَارًا لَا تُطْفَأُ، فَلَمَّا سَمِعَتْ ذَلِكَ قَذَفَا جَمِيعًا أَنْفُسَهُمَا فِي النَّارِ، فَجَعَلَهَا اللَّهُ وَابْنَهَا فِي الْجَنَّةِ، فَقُذِفَ فِي النَّارِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ إِنْسَانًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ".

{النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) }

{النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} بَدَلٌ مِنَ الْأُخْدُودِ، قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: نَجَّى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أُلْقُوا فِي النَّارِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ قَبْلَ أَنْ تَمَسَّهُمُ النَّارُ، وَخَرَجَتِ النَّارُ إِلَى مَنْ عَلَى شَفِيرِ الْأُخْدُودِ مِنَ الْكُفَّارِ فَأَحْرَقَتْهُمْ (١) . {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ} أَيْ: عِنْدَ النَّارِ جُلُوسٌ [لِتَعْذِيبِ] (٢) الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا قُعُودًا عَلَى الْكَرَاسِيِّ [عِنْدَ الْأُخْدُودِ] (٣) . {وَهُمْ} يَعْنِي الْمَلِكَ وَأَصْحَابَهُ الَّذِينَ خَدُّوا [الْأُخْدُودَ] (٤) {عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ} مِنْ عَرْضِهِمْ عَلَى النَّارِ وَإِرَادَتِهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى دِينِهِمْ {شُهُودٌ} حُضُورٌ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي يَشْهَدُونَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي ضَلَالٍ حِينَ تَرَكُوا عِبَادَةَ الصَّنَمِ. {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا كَرِهُوا مِنْهُمْ {إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} قَالَ مُقَاتِلٌ مَا عَابُوا مِنْهُمْ. وَقِيلَ: مَا عَلِمُوا فِيهِمْ عَيْبًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ ذَنْبًا إِلَّا إِيمَانَهُمْ بِاللَّهِ {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} مِنْ أَفْعَالِهِمْ {شَهِيدٌ}


(١) أخرجه الطبري: ٣٠ / ١٣٤-١٣٥. وانظر ابن كثير: ٤ / ٤٩٧.
(٢) في "ب" يعذبون.
(٣) زيادة من "ب".
(٤) ما بين القوسين ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>