للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيِ: اسْتَسْلَمُوا وَانْقَادُوا وَقَالُوا: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} شِرْكٍ، فَقَالَ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ: {بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} قَالَ عِكْرِمَةُ: عَنَى بِذَلِكَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ بِبَدْرٍ.

{فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢) }

{فَادْخُلُوا} أَيْ: قَالَ لَهُمُ ادْخُلُوا {أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} عَنِ الْإِيمَانِ.

{وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} وَذَلِكَ أَنَّ أَحْيَاءَ الْعَرَبِ كَانُوا يَبْعَثُونَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ مَنْ يَأْتِيهِمْ بِخَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا جَاءَ سَأَلَ الَّذِينَ قَعَدُوا عَلَى الطُّرُقِ عَنْهُ، فَيَقُولُونَ: سَاحِرٌ، كَاهِنٌ، شَاعِرٌ، كَذَّابٌ، مَجْنُونٌ، وَلَوْ لَمْ تَلْقَهُ خَيْرٌ لَكَ، فَيَقُولُ السَّائِلُ: أَنَا شَرُّ وَافِدٍ إِنْ رَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي دُونَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ فَأَلْقَاهُ، فَيَدْخُلُ مَكَّةَ فَيَرَى أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُخْبِرُونَهُ بِصِدْقِهِ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} يَعْنِي: أَنْزَلَ خَيْرًا (١) .

ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ تَضْعِيفُ الْأَجْرِ إِلَى الْعَشْرِ.

وَقَالَ الضَّحَاكُ: هِيَ النَّصْرُ وَالْفَتْحُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الرِّزْقُ الْحَسَنُ.

{وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} أَيْ وَلَدَارُ الْحَالِ الْآخِرَةِ، {خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ التَّقْوَى يَتَزَوَّدُونَ فِيهَا لِلْآخِرَةِ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: هِيَ الْجَنَّةُ، ثُمَّ فَسَّرَهَا فَقَالَ: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ} {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} مُؤْمِنِينَ طَاهِرِينَ مِنَ الشِّرْكِ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: زَاكِيَةً أَفْعَالُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ.


(١) انظر: زاد المسير: ٤ / ٤٤٢-٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>