{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) }
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} يَعْنِي: كَفَّارَ مَكَّةَ، فَيَنْظُرُوا إِلَى مَصَارِعِ الْمُكَذِّبِينَ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} يَعْنِي: مَا يُذْكَرُ لَهُمْ مِنْ أَخْبَارِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ فَيَعْتَبِرُونَ بِهَا، {فَإِنَّهَا} الْهَاءُ عِمَادٌ، {لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ذَكَرَ "الَّتِي فِي الصُّدُورِ" تَأْكِيدًا كَقَوْلِهِ: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} (الْأَنْعَامِ: ٣٨) مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَمَى الضَّارَّ هُوَ عَمَى الْقَلْبِ، فَأَمَّا عَمَى الْبَصَرِ فَلَيْسَ بِضَارٍّ فِي أَمْرِ الدِّينِ، قَالَ قَتَادَةُ: الْبَصَرُ الظَّاهِرُ: بُلْغةٌ وَمُتْعَةٌ، وَبَصَرُ الْقَلْبِ: هُوَ الْبَصَرُ النَّافِعُ. {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ حَيْثُ قَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرَ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ (١) {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} فَأَنْجَزَ ذلك يوم ٢٨/أبَدْرٍ. {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "يَعُدُّونَ" بِالْيَاءِ هَاهُنَا لِقَوْلِهِ: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ} وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِالتَّاءِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ، لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُسْتَعْجِلِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَاتَّفَقُوا فِي تَنْزِيلِ "السَّجْدَةِ" أَنَّهُ بِالتَّاءِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ السِّتَّةِ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
(١) سبق تخريجه سورة الأنفال عند الآية (٣٢) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute