للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٥) }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ [وَسُبْحَانَ اللَّهِ] (١) . وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَيِ الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ". (الزُّمَرُ:٧٤) {وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} إِلَى دِينِ اللَّهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ، "وَالْحَمِيدُ" هُوَ اللَّهُ الْمَحْمُودُ فِي أَفْعَالِهِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} عَطَفَ الْمُسْتَقْبَلَ عَلَى الْمَاضِي، لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ لَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمَاضِي، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (النِسَاءُ: ١٦٧) ، مَعْنَاهُ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَّرُوا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فِي الْحَالِ، أَيْ: وَهُمْ يَصُدُّونَ. {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أَيْ: وَيَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ} قِبْلَةً لِصَلَاتِهِمْ وَمَنْسَكًا وَمُتَعَبَّدًا كَمَا قَالَ: {وُضِعَ لِلنَّاسِ} (آلِ عِمْرَانَ: ٩٦) . {سَوَاءً} قَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبُ: "سَوَاءً" نَصْبًا بِإِيقَاعِ الْجَعْلِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْجَعْلَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مُسْتَوِيًا فِيهِ، {الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي} وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ " لِلنَّاسِ " وَأَرَادَ بِالْعَاكِفِ: الْمُقِيمَ فِيهِ، وَبِالْبَادِي: الطَّارِئَ الْمُنْتَابَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: "سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" أَيْ: فِي تَعْظِيمِ حُرْمَتِهِ وَقَضَاءِ النُّسُكِ فِيهِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَجَمَاعَةٌ، وَقَالُوا: الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْسُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. وَمَعْنَى التَّسْوِيَةِ: هُوَ التَّسْوِيَةُ فِي تَعْظِيمِ الْكَعْبَةِ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ.


(١) زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>