{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦) }
{فَآمَنُوا} يَعْنِي: الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ يُونُسُ بَعْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ، {فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} إِلَى انْقِضَاءِ آجَالِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاسْتَفْتِهِمْ} فَاسْأَلْ يَا مُحَمَّدُ أَهْلَ مَكَّةَ وَهُوَ سُؤَالُ تَوْبِيخٍ، {أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} وَذَلِكَ أَنْ جُهَيْنَةَ وَبَنِي سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الدَّارِ زَعَمُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ (١) يَقُولُ: جَعَلُوا لِلَّهِ الْبَنَاتَ وَلِأَنْفُسِهِمِ الْبَنِينَ.
{أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا} مَعْنَاهُ: أَخَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا، {وَهُمْ شَاهِدُونَ} حَاضِرُونَ خَلْقَنَا إِيَّاهُمْ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: "أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ" (الزُّخْرُفِ -١٩) .
{أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ} مِنْ كَذِبِهِمْ، {لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} .
{أَصْطَفَى} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: "لَكَاذِبُونَ اصْطَفَى" مَوْصُولًا عَلَى الْخَبَرِ عَنْ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَعِنْدَ الْوَقْفِ يَبْتَدِئُ: "اصْطَفَى" بِكَسْرِ الْأَلِفِ، وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِقَطْعِ الْأَلِفِ، لِأَنَّهَا أَلِفُ اسْتِفْهَامٍ دَخَلَتْ عَلَى أَلِفِ الْوَصْلِ، فَحُذِفَتْ أَلِفُ الْوَصْلِ وَبَقِيَتْ أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ مَفْتُوحَةً مَقْطُوعَةً، مِثْلَ: أَسْتَكْبَرَ وَنَحْوَهَا، {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} .
{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} لِلَّهِ بِالْبَنَاتِ وَلَكُمْ بِالْبَنِينَ.
{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} أَفَلَا تَتَّعِظُونَ.
{أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ} بُرْهَانٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا.
(١) انظر: الدر المنثور: ٧ / ١٣٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute