{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (١٩٥) }
{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ، وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: يَعْنِي الْقُرْآنَ فَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَلْقَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} أَيْ إِلَى الْإِيمَانِ، {أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} أَيْ: فِي جُمْلَةِ الْأَبْرَارِ.
{رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} أَيْ: عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِكَ، {وَلَا تُخْزِنَا} وَلَا تُعَذِّبْنَا وَلَا تُهْلِكْنَا وَلَا تَفْضَحْنَا وَلَا تُهِنَّا، {يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
فَإِنْ قِيلَ: مَا وَجْهُ قَوْلِهِمْ: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ؟ قِيلَ: لَفْظُهُ دُعَاءٌ وَمَعْنَاهُ خَبَرٌ أَيْ: لِتُؤْتِيَنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ تَقْدِيرُهُ: {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} {وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} لِتُؤْتِيَنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ مِنَ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ وَقِيلَ: معناه ربنا واجلعنأ ٧٦/ب مِمَّنْ يَسْتَحِقُّونَ ثَوَابَكَ وَتُؤْتِيهِمْ مَا وَعَدْتَهُمْ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَيَقَّنُوا اسْتِحْقَاقَهُمْ لِتِلْكَ الْكَرَامَةِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ مُسْتَحِقِّينَ لَهَا، وَقِيلَ: إِنَّمَا سَأَلُوهُ تَعْجِيلَ مَا وَعَدَهُمْ مِنَ النَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ، قَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ لَا تُخْلِفُ وَلَكِنْ لَا صَبْرَ لَنَا عَلَى حِلْمِكَ فَعَجِّلْ خِزْيَهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي} أَيْ: بِأَنِّي، {لَا أُضِيعُ} لَا أُحْبِطُ، {عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ} أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ {مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُ اللَّهَ يَذْكُرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute