للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٢٠) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ} أَيْ خَاصَمُوكَ يَا مُحَمَّدُ فِي الدِّينِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالُوا لَسْنَا عَلَى مَا سَمَّيْتَنَا بِهِ يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ نَسَبٌ، وَالدِّينُ هُوَ الْإِسْلَامُ وَنَحْنُ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} أَيِ انْقَدْتُ لِلَّهِ وَحْدَهُ بِقَلْبِي وَلِسَانِي وَجَمِيعِ جَوَارِحِي، وَإِنَّمَا خُصَّ الْوَجْهُ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ الْجَوَارِحِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ، فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ لِلشَّيْءِ خَضَعَ لَهُ جَمِيعُ جَوَارِحِهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ أَخْلَصْتُ عَمَلِي لِلَّهِ {وَمَنِ اتَّبَعَنِ} أَيْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي أَسْلَمَ كَمَا أَسْلَمْتُ، وَأَثْبَتَ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو الْيَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {اتَّبَعَنِي} عَلَى الْأَصْلِ وَحَذَفَهَا الْآخَرُونَ عَلَى الْخَطِّ لِأَنَّهَا فِي الْمُصْحَفِ بِغَيْرِ يَاءٍ.

وَقَوْلُهُ: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ} يَعْنِي الْعَرَبَ {أَأَسْلَمْتُمْ} لَفْظُهُ اسْتِفْهَامٌ وَمَعْنَاهُ أَمْرٌ، أَيْ أَسْلِمُوا كَمَا قَالَ " فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ " (٩١ -الْمَائِدَةِ) أَيِ انْتَهُوا، {فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا} فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: أَسْلَمْنَا، فَقَالَ لِلْيَهُودِ: أَتَشْهَدُونَ أَنَّ عِيسَى كَلِمَةُ اللَّهِ وَعَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالُوا: مَعَاذَ الله، وقال النصارى: أَتَشْهَدُونَ أَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ (١) ؟ قَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ عِيسَى عَبْدًا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} أَيْ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ وَلَيْسَ عَلَيْكَ الْهِدَايَةُ {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} عَالِمٌ بِمَنْ يُؤْمِنُ وَبِمَنْ لَا يُؤْمِنُ.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَعْنِي الْقُرْآنَ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} قَرَأَ حَمْزَةُ: وَيُقَاتِلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ الْوَحْيُ يَأْتِي عَلَى [أَنْبِيَاءِ] (٢) بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِمْ كِتَابٌ، فَيُذَكِّرُونَ قَوْمَهُمْ فَيُقْتَلُونَ، فَيَقُومُ رِجَالٌ مِمَّنِ اتَّبَعَهُمْ وَصَدَّقَهُمْ فَيُذَكِّرُونَ قَوْمَهُمْ فَيُقْتَلُونَ أَيْضًا فَهُمُ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ.

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَنْجُوَيْهِ الدَّيْنَوَرِيُّ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ مَنْصُورُ بْنُ جَعْفَرٍ النُّهَاوَنْدِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْجَارُودِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَيَّانَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ (حِمْيَرَ) (٣) ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ الْخُزَاعِيِّ


(١) ساقط من (أ) .
(٢) ساقط من (أ) .
(٣) في "أ" نمير وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>