الْجِيمِ سَاكِنَةَ الْبَاءِ خَفِيفَةً، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْبَاءِ خَفِيفَةً، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ، وَمَعْنَاهَا: الْخَلْقُ وَالْجَمَاعَةُ أَيْ: خَلْقًا كَثِيرًا {أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} مَا أَتَاكُمْ مِنْ هَلَاكِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ بِطَاعَةِ إِبْلِيسَ، وَيُقَالُ لَهُمْ لَمَّا دَنَوْا مِنَ النَّارِ:
{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) }
{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} بِهَا فِي الدُّنْيَا {اصْلَوْهَا} ادْخُلُوهَا {الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} هَذَا حِينَ يُنْكِرُ الْكُفَّارُ كُفْرَهُمْ وَتَكْذِيبَهُمُ الرُّسُلَ، فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتَشْهَدُ عَلَيْهِمْ جَوَارِحُهُمْ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَفْصَوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ حَاتِمُ بْنُ مَحْبُوبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَأَلَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابٍ"؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِي سَحَابَةٍ"؟ قَالُوا: لَا قَالَ: "فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ كَمَا لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا"، قَالَ: "فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ: أَيْ عَبْدِي أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟ أَلَمْ أُسَوِّدْكَ أَلَمْ أُزَوِّجْكَ أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَأَذَرَكَ تَتَرَأَّسُ وَتَتَرَبَّعُ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ قَالَ: فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيْتَنِي، قَالَ: فَيَلْقَى الثَّانِيَ فَيَقُولُ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ، أَلَمْ أُسَوِّدْكَ، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ، أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَأَتْرُكْكَ تَتَرَأَّسُ وَتَتَرَبَّعُ؟ -وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ: تَرَأَّسُ وَتَرَبَّعُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ-قَالَ: فيقول: بلى ٩٣/ب يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: ظَنَنْتُ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ قَالَ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي، ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ؟ مَا أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَبْدُكَ آمَنْتُ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ وَبِكِتَابِكَ وَصَلَّيْتُ وَصَمْتُ وَتَصَدَّقْتُ وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: أَلَمْ نَبْعَثْ عَلَيْكَ شَاهِدَنَا؟ قَالَ: فَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخْذِهِ: انْطِقِي قَالَ: فَتَنْطِقُ فَخْذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ وَذَلِكَ لِيُعْذَرَ مِنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ الَّذِي سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ" (١) .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو سَهْلٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
(١) قطعة من حديث أخرجه مسلم في الزهد برقم: (٢٩٦٨) ٤ / ٢٢٧٩-٢٢٨٠، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ١٤٦-١٤٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute