للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧) } .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} الِاسْتِعْجَالُ: طَلَبُ تَعْجِيلِ الْأَمْرِ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِهِ، وَالسَّيِّئَةُ هَا هُنَا هِيَ: الْعُقُوبَةُ، وَالْحَسَنَةُ: الْعَافِيَةُ. وَذَلِكَ أَنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ كَانُوا يَطْلُبُونَ الْعُقُوبَةَ بَدَلًا مِنَ الْعَافِيَةِ اسْتِهْزَاءً مِنْهُمْ يَقُولُونَ: "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" (الْأَنْفَالِ -٣٢) .

{وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} أَيْ: مَضَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ فِي الْأُمَمِ الَّتِي عَصَتْ رَبَّهَا وَكَذَّبَتْ رُسُلَهَا الْعُقُوبَاتُ. وَالْمَثُلَاتُ جَمْعُ الْمَثُلَةِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ، مِثْلُ: صَدُقَةٍ وَصَدُقَاتٍ (١) .

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} .

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ} أَيْ: عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} أَيْ: عَلَامَةٌ وَحُجَّةٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} مُخَوِّفٌ، {وَلِكُلِ قَوْمٍ هَادٍ} أَيْ: لِكُلِّ قَوْمٍ نَبِيٌّ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: دَاعٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْحَقِّ أَوْ إِلَى الضَّلَالَةِ.


(١) الصدقات: مهور النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>