{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ، يَقُولُ: أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ سَنُّوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ؟
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: شَرَعُوا لَهُمْ دِينًا غَيْرَ دِينِ الْإِسْلَامِ.
{وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ} لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ حَكَمَ فِي كَلِمَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخَلْقِ بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، حَيْثُ قَالَ: "بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ" (الْقَمَرِ-٤٦) ، {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} لَفَرَغَ مِنْ عَذَابِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَكَ فِي الدُّنْيَا، {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ} الْمُشْرِكِينَ، {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فِي الْآخِرَةِ.
{تَرَى الظَّالِمِينَ} الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {مُشْفِقِينَ} وَجِلِينَ، {مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} جَزَاءُ كَسْبِهِمْ وَاقِعٌ بِهِمْ، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} .
{ذَلِكَ الَّذِي} ذَكَرْتُ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، {يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فَإِنَّهُمْ أَهْلُهُ، {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قال: سمعت طاووسًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: "إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى"، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَجِلْتَ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ، فَقَالَ: إِلَّا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ. (١)
وَكَذَلِكَ روى الشعبي وطاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى"
(١) أخرجه البخاري في التفسير- تفسير سورة (حم عسق) ، باب: "إلا المودة في القربى" ٨ / ٥٦٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute