للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (٩) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (١٠) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (١١) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (١٤) }

{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّعْظِيمِ {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: اجْتَهِدْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِهِ. قَالَ سُفْيَانُ: تَوَكَّلْ عَلَيْهِ تَوَكُّلًا. وَقِيلَ: انْقَطِعْ إِلَيْهِ فِي الْعِبَادَةِ انْقِطَاعًا وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ، يُقَالُ: تَبَتَّلْتُ الشَّيْءَ أَيْ: قَطَعْتُهُ وَصَدَقَةٌ بَتَّةٌ: أَيْ: مَقْطُوعَةٌ عَنْ صَاحِبِهَا لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَالتَّبْتِيلُ: [التَّقْطِيعُ] (١) تَفْعِيلٌ مِنْهُ يُقَالُ: بَتَّلْتُهُ فَتَبَتَّلَ، وَالْمَعْنَى: بَتِّلْ نَفْسَكَ إِلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: تَبْتِيلًا. قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: التَّبَتُّلُ رَفْضُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَالْتِمَاسُ مَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ، وَأَبُو عَمْرٍو وَحَفْصٌ: "رَبُّ" بِرَفْعِ الْبَاءِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْجَرِّ عَلَى نَعْتِ الرَّبِّ فِي قَوْلِهِ: "وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ" {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} قَيِّمًا بِأُمُورِكَ فَفَوِّضْهَا إِلَيْهِ. {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ (٢) . {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} نَزَلَتْ فِي صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ الْمُسْتَهْزِئِينَ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: نَزَلَتْ فِي الْمُطْعِمَيْنِ بِبَدْرٍ وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا يَسِيرٌ حَتَّى قُتِلُوا بِبَدْرٍ (٣) . {إِنَّ لَدَيْنَا} عِنْدَنَا فِي الْآخِرَةِ {أَنْكَالًا} قُيُودًا عِظَامًا لَا تَنْفَكُّ أَبَدًا وَاحِدُهَا نَكَلٌ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَغْلَالًا مِنْ حَدِيدٍ {وَجَحِيمًا} {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} غَيْرِ سائغة يأخذ بالحق لَا يَنْزِلُ وَلَا يَخْرُجُ وَهُوَ الزَّقُّومُ وَالضَّرِيعُ. {وَعَذَابًا أَلِيمًا} {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} أَيْ: تَتَزَلْزَلُ وَتَتَحَرَّكُ {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا}


(١) راجع فيما سبق: ٣ / ٣٢ تعليق (١) .
(٢) راجع فيما سبق: ٣ / ٣٢ تعليق (١) .
(٣) تقدم بيان ذلك في سورة الأنفال.

<<  <  ج: ص:  >  >>