للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ يُوشَعَ نَبِيًّا فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْجَبَابِرَةِ، فَصَدَّقُوهُ وَتَابَعُوهُ فَتَوَجَّهَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى أَرْيَحَاءَ وَمَعَهُ تَابُوتُ الْمِيثَاقِ، فَأَحَاطَ بِمَدِينَةِ أَرْيَحَاءَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا كَانَ السَّابِعَ نَفَخُوا فِي الْقِرَانِ وَضَجَّ الشَّعْبُ ضَجَّةً وَاحِدَةً فَسَقَطَ سُورُ الْمَدِينَةِ، وَدَخَلُوا فَقَاتَلُوا الْجَبَّارِينَ وَهَزَمُوهُمْ وَهَجَمُوا عَلَيْهِمْ يَقْتُلُونَهُمْ، وَكَانَتِ الْعِصَابَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى عُنُقِ الرَّجُلِ يَضْرِبُونَهَا حَتَّى يَقْطَعُونَهَا، فَكَانَ الْقِتَالُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبَقِيَتْ مِنْهُمْ بَقِيَّةٌ وَكَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ وَتَدْخُلُ لَيْلَةُ السَّبْتِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْدُدِ الشَّمْسَ عَلَيَّ وَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَا فِي طَاعَتِهِ فَسَأَلَ الشَّمْسَ أَنْ تَقِفَ وَالْقَمَرَ أَنْ يُقِيمَ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ دُخُولِ السَّبْتِ، فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَزِيدَتْ فِي النَّهَارِ ساعة حتى قتلتهم أَجْمَعِينَ، وَتَتَبَّعَ مُلُوكَ الشَّامِ فَاسْتَبَاحَ مِنْهُمْ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ مَلِكًا حَتَّى غَلَبَ عَلَى جَمِيعِ أَرْضِ الشَّامِ، وَصَارَتِ الشَّامُ كُلُّهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَفَرَّقَ عُمَّالَهُ في نواحيهأ ١٠٥\أوَجَمَعَ الْغَنَائِمَ، فَلَمْ تَنْزِلِ النَّارُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى يُوشَعَ أَنَّ فِيهَا غُلُولًا فَمُرْهُمْ فَلْيُبَايِعُوا فَبَايَعُوهُ فَالْتَصَقَتْ يَدُ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِيَدِهِ فَقَالَ: هَلُمَّ مَا عِنْدَكَ فَأَتَاهُ بِرَأْسِ ثَوْرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٍ بِالْيَاقُوتِ وَالْجَوَاهِرِ كَانَ قَدْ غَلَّهُ، فَجَعَلَهُ فِي الْقُرْبَانِ وَجَعَلَ الرَّجُلَ مَعَهُ فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتِ الرَّجُلَ وَالْقُرْبَانَ، ثُمَّ مَاتَ يُوشَعُ وَدُفِنَ فِي جَبَلِ أَفْرَائِيمَ، وَكَانَ عُمْرُهُ مِائَةً وَسِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَتَدْبِيرُهُ أَمْرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً.

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} وَهُمَا هَابِيلُ وَقَابِيلُ (١) وَيُقَالُ لَهُ قَابِينُ، {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} وَكَانَ سَبَبُ قُرْبَانِهِمَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ حَوَّاءَ كَانَتْ تَلِدُ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كُلِّ بَطْنٍ غُلَامًا وَجَارِيَةً، وَكَانَ جَمِيعُ مَا وَلَدَتْهُ أَرْبَعِينَ وَلَدًا فِي عِشْرِينَ بَطْنًا أَوَّلُهُمْ قَابِيلُ وَتَوْأَمَتُهُ أَقْلِيمَا، وَآخِرُهُمْ عَبْدُ الْمُغِيثِ وَتَوْأَمَتُهُ أَمَةُ الْمُغِيثِ، ثُمَّ بَارَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي نَسْلِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَمُتْ آدَمُ حَتَّى بَلَغَ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا.

وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْلِدِ قَابِيلَ وَهَابِيلَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَشِيَ آدَمُ حَوَّاءَ بَعْدَ مَهْبِطِهِمَا إِلَى الْأَرْضِ بِمِائَةِ سَنَةٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ قَابِيلَ وَتَوْأَمَتَهُ أَقْلِيمَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ وَلَدَتْ هَابِيلَ وَتَوْأَمَتَهُ لُبُودَا فِي بَطْنٍ.


(١) هذه التسمية لابني آدم: "قابيل، هابيل" إنما هي من نقل العلماء عن أهل الكتاب، لم يرد بها نص في القرآن، ولا جاءت في سنة ثابتة، فيما نعلم، فلا علينا أن لا نجزم بها ولا نرجحها، وإنما هي قول قيل. انظر: عمدة التفسير للشيخ أحمد شاكر: ٤ / ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>