للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) }

{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا} قَرَأَ ابن كثير " لم يَرَ " [بِغَيْرِ وَاوٍ] (١) وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِهِمْ، مَعْنَاهُ: أَلَمْ يَعْلَمِ الَّذِينَ كَفَرُوا، {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: كَانَتَا شَيْئًا وَاحِدًا مُلْتَزِقَتَيْنِ {فَفَتَقْنَاهُمَا} فَصَلْنَا بَيْنَهُمَا بِالْهَوَاءِ، وَالرَّتْقُ فِي اللُّغَةِ: السَّدُّ، وَالْفَتْقُ: الشَّقُّ.

قَالَ كَعْبٌ: خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ خَلَقَ رِيحًا فَوَسَّطَهَا (٢) فَفَتَحَهَا بِهَا.

قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: كَانَتِ السَّمَوَاتُ مُرْتَقَةً طَبَقَةً وَاحِدَةً فَفَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ كَانَتَا مُرْتَقَةً طَبَقَةً وَاحِدَةً فَجَعَلَهَا سَبْعَ أَرَضِينَ.

قَالَ عِكْرِمَةُ وَعَطِيَّةُ: كَانَتِ السَّمَاءُ رَتْقًا لَا تُمْطِرُ وَالْأَرْضُ رَتْقًا لَا تُنْبِتُ، فَفَتَقَ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ وَالْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ. وَإِنَّمَا قَالَ: {رَتْقًا} عَلَى التَّوْحِيدِ وَهُوَ مِنْ نَعْتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، مِثْلَ الزَّوْرِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا. {وَجَعَلْنَا} [وَخَلَقْنَا] (٣) {مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} أَيْ: وَأَحْيَيْنَا بِالْمَاءِ الَّذِي يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَيْ مِنَ الْحَيَوَانِ وَيَدْخُلُ فِيهِ النَّبَاتُ وَالشَّجَرُ، يَعْنِي أَنَّهُ سَبَبٌ لِحَيَاةِ كُلِّ شَيْءٍ وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ: [يَعْنِي] (٤) أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ فَهُوَ مَخْلُوقٌ مِنَ الْمَاءِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} (النُّورِ: ٤٥) ، قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: يَعْنِي النُّطْفَةَ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ خَلَقَ اللَّهُ بَعْضَ مَا هُوَ حَيٌّ مِنْ غَيْرِ الْمَاءِ؟ قِيلَ: هَذَا عَلَى وَجْهِ التَّكْثِيرِ، يَعْنِي أَنَّ أَكْثَرَ الْأَحْيَاءِ فِي الْأَرْضِ مَخْلُوقَةٌ مِنَ الْمَاءِ أَوْ بَقَاؤُهُ بِالْمَاءِ، {أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}

{وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} جِبَالًا ثَوَابِتَ، {أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ} ؛ [يَعْنِي كَيْ لَا تَمِيدَ بِهِمْ] (٥) {وَجَعَلْنَا فِيهَا} فِي الرَّوَاسِي: {فِجَاجًا} طُرُقًا وَمَسَالِكَ، وَالْفَجُّ: الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ


(١) زيادة من "ب".
(٢) في "ب" بوسطها.
(٣) ساقط من "ب".
(٤) زيادة من "ب".
(٥) ما بين القوسين ساقط من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>