للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) }

{وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ} يَعْنِي مِنْ فُقَرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْكُفَّارِ {يَتَغَامَزُونَ} وَالْغَمْزُ الْإِشَارَةُ بِالْجَفْنِ وَالْحَاجِبِ، أَيْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِمْ بِالْأَعْيُنِ اسْتِهْزَاءً.

{وَإِذَا انْقَلَبُوا} يَعْنِي الْكُفَّارَ {إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} مُعْجَبِينَ بِمَا هُمْ فِيهِ يَتَفَكَّهُونَ بِذِكْرِهِمْ.

{وَإِذَا رَأَوْهُمْ} رَأَوْا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} يَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ.

{وَمَا أُرْسِلُوا} يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ {عَلَيْهِمْ} يَعْنِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {حَافِظِينَ} أَعْمَالَهُمْ، أَيْ لَمْ يُوَكَّلُوا بِحِفْظِ أَعْمَالِهِمْ.

{فَالْيَوْمَ} يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} قَالَ أَبُو صَالِحٍ: وَذَلِكَ أَنَّهُ يُفْتَحُ لِلْكُفَّارِ فِي النَّارِ أَبْوَابُهَا، وَيُقَالُ لَهُمُ: اخْرُجُوا، فَإِذَا رَأَوْهَا مَفْتُوحَةً أَقْبَلُوا إِلَيْهَا لِيَخْرُجُوا، وَالْمُؤْمِنُونَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى أَبْوَابِهَا غُلِّقَتْ دُونَهُمْ، يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ مِرَارًا وَالْمُؤْمِنُونَ يَضْحَكُونَ.

وَقَالَ كَعْبٌ: بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ كُوًى، فَإِذَا أَرَادَ الْمُؤْمِنُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَدُوٍّ لَهُ، كَانَ فِي الدُّنْيَا، اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْكُوَى (١) ، كَمَا قَالَ: "فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ" (الصَّافَّاتِ-٥٥) فَإِذَا اطَّلَعُوا مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى أَعْدَائِهِمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ ضَحِكُوا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ" {عَلَى الْأَرَائِكِ} [مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ] (٢) {يَنْظُرُونَ} إِلَيْهِمْ فِي النَّارِ.


(١) أخرجه عبد الرزاق في التفسير: ٢ / ٣٥٧، وزاد السيوطي في الدر المنثور ٨ / ٤٥٣ عزوه لعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٢) ما بين القوسين ساقط من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>