{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٦) }
{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ} يَعْنِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الْحُدَيْبِيَةِ، {إِذَا انْطَلَقْتُمْ} سِرْتُمْ وَذَهَبْتُمْ [أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ] (١) ، {إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا} يَعْنِي غَنَائِمَ خَيْبَرَ، {ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} إِلَى خَيْبَرَ لِنَشْهَدَ مَعَكُمْ قِتَالَ أَهْلِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا انْصَرَفُوا مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعَدَهُمُ اللَّهُ فَتْحَ خَيْبَرَ وَجَعَلَ غَنَائِمَهَا لِمَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ خَاصَّةً عِوَضًا عَنْ غَنَائِمِ أهل مكة إذا انْصَرَفُوا عَنْهُمْ عَلَى صُلْحٍ وَلَمْ يُصِيبُوا مِنْهُمْ شَيْئًا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "كَلِمَ اللَّهِ" بِغَيْرِ أَلِفٍ جَمْعُ كَلِمَةٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: "كَلَامَ اللَّهِ"، يُرِيدُونَ أَنْ يُغَيِّرُوا مَوَاعِيدَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ بِغَنِيمَةِ خَيْبَرَ خَاصَّةً.
وقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي أَمْرَ اللَّهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَسِيرَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: "فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا" (التَّوْبَةِ-٨٣) ، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ.
{قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا} إِلَى خَيْبَرَ، {كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ} أَيْ مِنْ قَبْلِ مَرْجِعِنَا إِلَيْكُمْ أَنَّ غَنِيمَةَ خَيْبَرَ لِمَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فِيهَا نَصِيبٌ، {فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا} أَيْ يَمْنَعُكُمُ الْحَسَدُ مِنْ أَنْ نُصِيبَ مَعَكُمُ الْغَنَائِمَ، {بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ} لَا يَعْلَمُونَ عَنِ اللَّهِ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ مِنَ الدِّينِ، {إِلَّا قَلِيلًا} مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ صِدْقِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ.
{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ،
(١) زيادة من "ب".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute