للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: لَا تَدَّخِرُوا، ثُمَّ ادَّخَرُوا فَتَدَوَّدَ، {فَيَحِلَّ} قَرَأَ الْأَعْمَشُ، وَالْكِسَائِيُّ: "فَيَحُلَّ" بِضَمِّ الْحَاءِ "وَمَنْ يَحْلُلْ" بِضَمِّ اللَّامِ، أَيْ: يَنْزِلُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهَا أَيْ: يَجِبُ، {عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} هَلَكَ وَتَرَدَّى فِي النَّارِ.

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢) وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (٨٣) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) }

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَابَ مِنَ الشِّرْكِ، {وَآمَنَ} وَوَحَّدَ اللَّهَ وَصَدَّقَهُ، {وَعَمِلَ صَالِحًا} أَدَّى الْفَرَائِضَ، {ثُمَّ اهْتَدَى} قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ تَوْفِيقٌ مِنَ اللَّهِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يَعْنِي لَزِمَ الْإِسْلَامَ حَتَّى مَاتَ عَلَيْهِ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَمُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ: عَلِمَ أَنَّ لِذَلِكَ ثَوَابًا.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيَهْتَدِيَ بِهِ كَيْفَ يَعْمَلُ.

قَالَ الضَّحَّاكُ: اسْتَقَامَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَقَامَ عَلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (١) . {وَمَا أَعْجَلَكَ} أَيْ: وَمَا حَمَلَكَ عَلَى الْعَجَلَةِ، {عَنْ قَوْمِكَ} وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى اخْتَارَ مِنْ قَوْمِهِ سَبْعِينَ رَجُلًا حَتَّى يَذْهَبُوا مَعَهُ إِلَى الطُّورِ، لِيَأْخُذُوا التَّوْرَاةَ، فَسَارَ بِهِمْ ثُمَّ عَجَّلَ مُوسَى مِنْ بَيْنِهِمْ شَوْقًا إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَخَلَّفَ السَّبْعِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتْبَعُوهُ إِلَى الْجَبَلِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى} {قَالَ} مُجِيبًا لِرَبِّهِ تَعَالَى: {هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي} أَيْ: هُمْ بِالْقُرْبِ مِنِّي يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي، {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} لِتَزْدَادَ رِضًا. {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} أَيِ: ابْتَلَيْنَا الَّذِينَ خَلَّفْتَهُمْ مَعَ هَارُونَ، وَكَانُوا سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ، فَافْتُتِنُوا بِالْعِجْلِ غَيْرَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا {مِنْ بَعْدِكَ} أَيْ: مِنْ بَعْدِ انْطِلَاقِكَ إِلَى الْجَبَلِ.


(١) ذكر الطبري هذه الأقوال في التفسير: ١٦ / ١٩٤ - ١٩٥ واختار أن معنى قوله تعالى: "ثم اهتدى": يقول: ثم لزم ذلك فاستقام ولم يصنع شيئا منه، من أجل أن الاهتداء هو الاستقامة على هدى، ولا معنى للاستقامة عليه إلا وقد جمعه الإيمان والعمل الصالح والتوبة، فمن فعل ذلك وثبت عليه، فلا شك في اهتدائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>