للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ لَهُمْ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ، وَكَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ.

قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقَرَأْنَا، فِيهِمْ قُرْآنًا، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ: "بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا" (١) ثُمَّ نُسِخَتْ (فَرُفِعَ بَعْدَمَا قَرَأْنَاهُ) (٢) زَمَانًا وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الْآيَةَ.

وَقِيلَ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ الشُّهَدَاءَ كَانُوا إِذَا أَصَابَتْهُمْ نِعْمَةٌ تَحَسَّرُوا عَلَى الشُّهَدَاءِ، وَقَالُوا: نَحْنُ فِي النِّعْمَةِ وَآبَاؤُنَا وَأَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَانُنَا فِي الْقُبُورِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْفِيسًا عَنْهُمْ وَإِخْبَارًا عَنْ حَالِ قَتْلَاهُمْ (٣) {وَلَا تَحْسَبَنَّ} وَلَا تَظُنَّنَّ {الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ "قُتِّلُوا") بِالتَّشْدِيدِ، وَالْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ "أَمْوَاتًا ") كَأَمْوَاتِ مَنْ لَمْ يُقْتَلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} قِيلَ أَحْيَاءٌ فِي الدِّينِ وَقِيلَ: فِي الذِّكْرِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يُرْزَقُونَ وَيَأْكُلُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ كَالْأَحْيَاءِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ أَرْوَاحَهُمْ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ كُلَّ لَيْلَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الشَّهِيدَ لَا يَبْلَى فِي الْقَبْرِ وَلَا تَأْكُلُهُ الأرض.

وقال عبيدة بْنُ عُمَيْرٍ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ أُحُدٍ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ مَقْتُولٌ فَوَقَفَ عَلَيْهِ ودعا له ٧٣/أثُمَّ قَرَأَ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشْهَدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ شُهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَلَا فَأْتُوهُمْ وَزُورُوهُمْ وَسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا رَدُّوا عَلَيْهِ" (٤) . {يُرْزَقُونَ} مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَتُحَفِهَا.

{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) }

{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} رِزْقِهِ وَثَوَابِهِ، {وَيَسْتَبْشِرُونَ} وَيَفْرَحُونَ {بِالَّذِينِ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ}


(١) أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة: ٧ / ٣٨٥ ومسلم في المساجد باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة مختصرا برقم (٦٧٧) : ١ / ٤٦٨. والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ٣٩٥ - ٣٩٦.
(٢) في "أ" جاءت العبارة هكذا: (فرفعت بعد ما قرأناها) .
(٣) انظر: أسباب النزول للواحدي ص (١٦٣) .
(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك: ٢ / ٢٤٨ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي فقال: كذا قال وأنا أحسبه موضوعا وقطن لم يرو له البخاري وعبد الأعلى: لم يخرجا له. ورواه الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله. قال: الهيثمي: وفيه عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة؛ وهو متروك. مجمع الوائد: ٦ / ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>