للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ الْمَحَبَّةُ وَالْمَيْلُ بِالْقَلْبِ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَا تَرْضَوْا بِأَعْمَالِهِمْ. قَالَ السُّدِّيُّ: لَا تُدَاهِنُوا الظَّلَمَةَ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ: لَا تُطِيعُوهُمْ. وَقِيلَ: لَا تَسْكُنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا. {فَتَمَسَّكُمُ} فَتُصِيبَكُمُ، {النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} أَيْ: أَعْوَانٍ يَمْنَعُونَكُمْ مِنْ عَذَابِهِ، {ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} .

{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) } .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} أَيِ: الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ. [يَعْنِي: صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ] (١) ، قَالَ مُجَاهِدٌ: طَرَفَا النَّهَارِ صَلَاةُ [الصُّبْحِ] (٢) وَالظَّهْرِ وَالْعَصْرِ. "وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ"، صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: صَلَاةُ الْفَجْرِ وَالظَّهْرِ طَرَفٌ، وَصَلَاةُ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ طَرَفٌ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، يَعْنِي: صَلَاةَ الْعِشَاءِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: طَرَفَا النَّهَارِ. الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ: الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: طَرَفَا النَّهَارِ الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ، يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ.

قَوْلُهُ: {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} أي: ١٧٨/ب سَاعَاتُهُ وَاحِدَتُهَا زُلْفَةٌ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ "زُلُفًا" بِضَمِّ اللَّامِ.

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} يَعْنِي: إِنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ يُذْهِبْنَ الْخَطِيئَاتِ.

رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي الْيَسَرِ، قَالَ: أَتَتْنِي امْرَأَةٌ تَبْتَاعُ تَمْرًا فَقُلْتُ لَهَا: إِنَّ فِي الْبَيْتِ تَمْرًا أَطْيَبُ مِنْهُ: فَدَخَلَتْ مَعِي الْبَيْتَ، فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَقَبَّلْتُهَا، فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ وَتُبْ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ وَتُبْ، فَلَمْ أَصْبِرْ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "أَخَلَفْتَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي أَهْلِهِ بِمِثْلِ هَذَا، حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَأَطْرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الْآيَةَ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلِهَذَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: "بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً" (٣) .


(١) ساقط من "ب".
(٢) ساقط من "ب".
(٣) أخرجه الترمذي في تفسير سورة هود، عن أبي اليسر: ٨ / ٥٣٨-٥٣٩، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب ... وفي الباب عن أبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك. وأبو اليَسَر: اسمه كعب بن عمرو. وأخرجه أيضا النسائي والبزار وابن مردويه والطبراني والطبري. وانظر: الدر المنثور: ٤ / ٤٨٢، فتح الباري: ٨ / ٣٥٦، الكافي الشاف ص (٨٨) . أسباب النزول للواحدي ص (٣٠٦-٣١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>