للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ فِي الْإِحْرَامِ حَلَالٌ، مَا لَمْ تصيدوه أو يُصاد لَكُمْ" (١) قَالَ أَبُو عِيسَى: الْمُطَّلِبُ لَا نَعْرِفُ لَهُ سَمَاعًا مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَإِذَا أَتْلَفَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ مِثْلُ بَيْضٍ أَوْ طَائِرٍ دُونَ الْحَمَامِ فَفِيهِ قِيمَةٌ يَصْرِفُهَا إِلَى الطَّعَامِ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَرَادِ فَرَخَّصَ فِيهِ قَوْمٌ لِلْمُحْرِمِ وَقَالُوا هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، قَالَ عُمَرُ: فِي الْجَرَادِ تَمْرَةٌ، وَرُوِيَ عَنْهُ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ.

{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦) }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} وَالْمُرَادُ بِالْبَحْرِ جَمِيعُ الْمِيَاهِ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ وَطَعَامُهُ مَا رُمِيَ بِهِ" (٢) . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: طَعَامُهُ مَا قَذَفَهُ الْمَاءُ إِلَى السَّاحِلِ مَيْتًا.

وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الْمَالِحُ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَيْدُهُ: طَرِيُّهُ، وَطَعَامُهُ: مَالِحُهُ، مَتَاعًا لَكُمْ أَيْ: مَنْفَعَةً لَكُمْ، وَلِلسَّيَّارَةِ يَعْنِي: الْمَارَّةَ.

وَجُمْلَةُ حَيَوَانَاتِ الْمَاءِ عَلَى قِسْمَيْنِ: سَمَكٌ وَغَيْرُهُ، أَمَّا السَّمَكُ فَمَيْتَتُهُ حَلَالٌ مَعَ اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ [وَدَمَانِ: الْمَيْتَتَانِ] الْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَالدَّمَانِ: [الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ] (٣) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ بِسَبَبٍ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبٍ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَحِلُّ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ بِسَبَبٍ مِنْ وُقُوعٍ عَلَى حَجَرٍ أَوِ انْحِسَارِ الْمَاءِ عَنْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ.


(١) أخرجه أبو داود في المناسك، باب لحم الصيد للمحرم: ٢ / ٣٦٢، بلفظ "صيد البر لكم حلال.."، والترمذي في الحج، باب ما جاء في أكل لحم الصيد للمحرم: ٣ / ٥٨٤، والنسائي في الحج، باب إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله حلال: ٥ / ١٨٧، وصححه ابن حبان، ص (٢٤٣) من الموارد، والحاكم: ١ / ٤٥٢، والشافعي: ١ / ٣٢٢-٣٢٣ (ترتيب المسند) ، والمصنف في شرح السنة: ٧ / ٢٦٣-٢٦٤. والمطلب بن حنظب المخزومي: صدوق كثير التدليس والإرسال. وعمرو بن أبي عمرو: مختلف فيه وإن كان من رجال الصحيحين. انظر: تلخيص الحبير: ٢ / ٢٦.
(٢) انظر: تفسير الطبري: ٨ / ٦٣ (طبع الحلبي) .
(٣) ما بين القوسين من "شرح السنة" ومن نسخة "ب"، والحديث أخرجه الشافعي في ترتيب المسند: ٢ / ١٧٣، وابن ماجه في الأطعمة، باب الكبد والطحال، برقم (٣٣١٤) : ٢ / ١١٠٢، والدارقطني في الصيد والذبائح: ٤ / ٢٧١-٢٧٢، والإمام أحمد: ٢ / ٩٧ عن ابن عمر مرفوعا. ورواه البيهقي موقوفا وقال: هذا إسناد صحيح، وهو في معنى المسند، السنن: ١ / ٢٥٤. وعزاه الزيلعي أيضا لعبد بن حميد وابن حبان في الضعفاء، وأعله بعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال: كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم، حتى كثر ذلك في روايته من رفع الموقوفات وإسناد المراسيل، فاستحق الترك. انظر: نصب الراية: ٤ / ٢٠١-٢٠٢. وعزاه أيضا ابن حجر لابن مردويه في التفسير عن أبي سعيد مرفوعا، وقال: ذكره الدارقطني في العلل ... والرواية الموقوفة التي صححها أبو حاتم وغيره هي في حكم المرفوع، لأن قول الصحابي: أحل لنا، وحرم علينا كذا، مثل قوله: أمرنا بكذا، ونهينا عن كذا، فيحصل الاستدلال بهذه الرواية، لأنها في معنى المرفوع". تلخيص الحبير: ١ / ٢٦. وأخرجه أيضا: المصنف في شرح السنة: ١١ / ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>