{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) }
قَوْلُهُ عز وجل: ١٦٠/ب {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} قِيلَ: لَوْ جُعِلَ فِي الْجَبَلِ تَمْيِيزٌ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ لَخَشَعَ وَتَشَقَّقَ وَتَصَدَّعَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ مَعَ صَلَابَتِهِ وَرَزَانَتِهِ حَذَرًا مِنْ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ، وَالْكَافِرُ يُعْرِضُ عَمَّا فِيهِ مِنَ الْعِبَرِ كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا يَصِفُهُ بِقَسَاوَةِ الْقَلْبِ {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} "الْغَيْبُ": مَا غَابَ عَنِ الْعِبَادِ مِمَّا لَمْ يُعَايِنُوهُ وَلَمْ يَعْلَمُوهُ وَالشَّهَادَةُ مَا شَاهَدُوهُ وَمَا عَلِمُوهُ {هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} الطَّاهِرُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ الْمُنَزَّهُ عَمًّا لَا يَلِيقُ بِهِ {السَّلَامُ} الَّذِي سَلِمَ مِنَ النَّقَائِصِ {الْمُؤْمِنُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الَّذِي أَمِنَ النَّاسَ مِنْ ظُلْمِهِ وَأَمِنَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ عَذَابِهِ، هُوَ مِنَ الْأَمَانِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ التَّخْوِيفِ كَمَا قَالَ: "وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ" (قُرَيْشٍ -٤) وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْمُصَدِّقُ لِرُسُلِهِ بِإِظْهَارِ الْمُعْجِزَاتِ، وَالْمُصَدِّقُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَا وَعَدَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ، وَلِلْكَافِرِينَ بِمَا أَوْعَدَهُمْ مِنَ الْعِقَابِ.
{الْمُهَيْمِنُ} الشَّهِيدُ عَلَى عِبَادِهِ بِأَعْمَالِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَمُقَاتِلٌ. يُقَالُ: هَيْمَنَ يُهَيْمِنُ فَهُوَ مُهَيْمِنٌ إِذَا كَانَ رَقِيبًا عَلَى الشَّيْءِ وَقِيلَ: هُوَ فِي الْأَصْلِ مُؤَيْمِنٌ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً، كَقَوْلِهِمْ: أَرَقْتُ وَهَرَقْتُ وَمَعْنَاهُ الْمُؤْمِنُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْأَمِينُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ الرَّقِيبُ الْحَافِظُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْمُصَدِّقُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالضَّحَّاكُ: الْقَاضِي. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْكُتُبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ.
{الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "الْجَبَّارُ" هُوَ الْعَظِيمُ، وَجَبَرُوتُ اللَّهِ عَظَمَتُهُ، وَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ صِفَةُ ذَاتِ اللَّهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْجَبْرِ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ يُقَالُ: جَبَرْتُ الْأَمْرَ، وَجَبَرْتُ الْعَظْمَ إِذَا أَصْلَحْتُهُ بَعْدَ الْكَسْرِ، فَهُوَ يُغْنِي الْفَقِيرَ وَيُصْلِحُ الْكَسِيرَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ: هُوَ الَّذِي يَقْهَرُ النَّاسَ وَيُجْبِرُهُمْ عَلَى مَا أَرَادَ. وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ مَعْنَى الْجَبَّارِ فَقَالَ: هُوَ الْقَهَّارُ الَّذِي إِذَا أَرَادَ أَمْرًا فَعَلَهُ لَا يَحْجِزُهُ عَنْهُ حَاجِزٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute