للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَمَكَّنُوا فِي الْبِلَادِ. قَالَ قَتَادَةُ: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمْ هَذِهِ الْأُمَّةُ {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} أَيْ: آخَرُ أُمُورِ الْخَلْقِ وَمَصِيرُهُمْ إِلَيْهِ، يَعْنِي: يُبْطَلُ كُلُّ مُلْكٍ سِوَى مُلْكِهِ، فَتَصِيرُ الْأُمُورُ إِلَيْهِ بِلَا مُنَازِعٍ وَلَا مُدَّعٍ.

{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} يُعَزِّي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ} {وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ} . {وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} أَيْ: أَمْهَلْتُهُمْ وَأَخَّرْتُ عُقُوبَتَهُمْ، {ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} [عَاقَبْتُهُمْ] (١) {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أَيْ: إِنْكَارِي، أَيْ: كَيْفَ أَنْكَرْتُ عَلَيْهِمْ مَا فَعَلُوا مِنَ التَّكْذِيبِ بِالْعَذَابِ وَالْهَلَاكِ، يُخَوِّفُ بِهِ مَنْ يُخَالِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُكَذِّبُهُ. {فَكَأَيِّنْ} فَكَمْ {مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} بِالتَّاءِ (٢) هَكَذَا قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَيَعْقُوبُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: "أَهْلَكْنَاهَا" بِالنُّونِ وَالْأَلِفِ عَلَى التَّعْظِيمِ، {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} أَيْ: وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ، {فَهِيَ خَاوِيَةٌ} سَاقِطَةٌ {عَلَى عُرُوشِهَا} عَلَى سُقُوفِهَا، {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} [أَيْ: وَكَمْ مِنْ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ] (٣) مَتْرُوكَةٍ مُخْلَاةٍ عَنْ أَهْلِهَا {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} قَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: رَفِيعٌ طَوِيلٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ شَادَ بِنَاءَهُ إِذَا رَفَعَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ: مُجَصَّصٌ، مِنَ الشَّيْدِ، وَهُوَ الْجِصُّ. وَقِيلَ: إِنَّ الْبِئْرَ الْمُعَطَّلَةَ وَالْقَصْرَ الْمَشِيدَ بِالْيَمَنِ، أَمَّا الْقَصْرُ فَعَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ، وَالْبِئْرُ فِي سَفْحِهِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَوْمٌ كَانُوا فِي نِعْمَةٍ فَكَفَرُوا فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، وَبَقِيَ الْبِئْرُ وَالْقَصْرُ خَالِيَيْنِ.

وَرَوَى أَبُو رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ: أَنَّ هَذِهِ الْبِئْرَ كَانَتْ بِحَضْرَمَوْتَ فِي بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا حَاضُورَاءَ، وَذَلِكَ


(١) زيادة من "ب".
(٢) أي: أهلكتها.
(٣) ما بين القوسين زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>